للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما صلاة الطائفة الأولى والثانية والثالثة: فإنهم فارقوه بغير عذر؛ لأنهم فارقوه قبل وقت المفارقة، وذلك أن الطائفة الأولى، إنما فارقت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نصف صلاته، ونصف صلاتهم، وكل طائفة من هذه الثلاث فارقته قبل ذلك، فيكون في صلاتهم القولان، فيمن فارق الإمام بغير عذر.

وإن قلنا: إن صلاة الإمام باطلة.. فمتى تبطل؟ فيه وجهان:

أحدهما - وهو قول أبي العباس -: أنها تبطل بالانتظار الثالث؛ لأنه هو الانتظار الزائد على ما وردت فيه الرخصة.

فعلى هذا: تصح صلاة الطائفة الأولى والثانية والثالثة، وأما الرابعة: فإن علموا ببطلان صلاة الإمام.. بطلت صلاتهم، وإن لم يعلموا.. لم تبطل، كمن صلى خلف محدث.

والثاني - وهو المنصوص -: (أنها تبطل بالانتظار الثاني) ؛ لأن الزيادة حصلت فيه.

وفي أي موضع تبطل منه؟ فيه وجهان:

أحدهما - وهو قول أبي إسحاق -: أنها تبطل بمضي الطائفة الثانية؛ لأن هذا وقت الزيادة، وذلك: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتظر الطائفة الأولى بقدر ما أتمت صلاتها، ومضت إلى وجه العدو، وجاءت الثانية، وهذا قد فعل مثل هذا في الانتظار الأول، وانتظر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطائفة الثانية بقدر ما أتمت صلاتها لا غير، وهذا قد انتظر الثانية بقدر ما أتمت صلاتها، ومضت إلى وجه العدو، فبنفس مضيها وقعت الزيادة.. فتبطل صلاته حينئذ.

والوجه الثاني - وهو قول الشيخ أبي حامد -: أن صلاة الإمام تبطل عندما يمضي من الانتظار الثاني قدر ركعة، ووجهه: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتظر الطائفتين جميعًا بقدر الصلاة التي هو فيها مع الذهاب والمجيء، وذلك: أنه انتظر الأولى بقدر ما صلت ركعة، ومضت، وجاءت الثانية، وانتظر الثانية بقدر ما صلت ركعة، وهذا قد انتظر أكثر من قدر الصلاة التي هو فيها مع الذهاب والمجيء، وذلك: أنه انتظر الأولى بقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>