يفرق بين أن سمعوا النداء، أو لم يسمعوا؛ ولأن المصر الواحد كالدار الواحدة، بدليل: أن من سافر منه لا يقصر حتى يفارق جميعه.
وأما من كان من خارج المصر: فهم على ثلاثة أضرب:
[الأول] : قوم تجب عليهم الجمعة بأنفسهم.
و [الثاني] : قوم لا تجب عليهم بأنفسهم، ولكن تجب عليهم بغيرهم.
و [الثالث] : قوم لا تجب عليهم لا بأنفسهم ولا بغيرهم.
فأما الذين تجب عليهم بأنفسهم: فهم أهل القرية إذا كانوا أربعين رجلًا على الشروط التي ذكرناها، فتلزمهم إقامتها في موضعهم، سواء سمعوا نداء المصر، أو لم يسمعوا، فإن أقاموها في موضعهم لهذا ... فقد أحسنوا، وإن أتوا المصر، وصلوا الجمعة فيه
أجزأتهم، وقد أساءوا؛ لأن إقامة الجمعة في موضعين أفضل من إقامتها في موضع واحد، هذا هو المنصوص.
وقال الصيدلاني: لا يكونون مسيئين بذلك؛ لأن من الفقهاء من يقول: لا تنعقد الجمعة في القرية، وإنما تنعقد في البلد، فإذا دخلوا البلد، وصلوا فيه ... فقد خرجوا من الخلاف.
وأما الذين لا تجب عليهم الجمعة بأنفسهم، وتجب عليهم بغيرهم: فهم الذين ينقصون عن أربعين، ويسكنون في موضع يسمعون النداء فيه من البلد الذي تقام فيه الجمعة.
وأما الذين لا تجب عليهم الجمعة لا بأنفسهم ولا بغيرهم: فهم الذين ينقصون عن الأربعين، ويسكنون في موضع لا يسمعون فيه النداء من البلد الذي تجب فيه الجمعة.
هذا مذهبنا، وبه قال عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن المسيب، وأحمد، وأبو ثور.
وذهبت طائفة إلى: أن الجمعة تجب على من يمكنه إتيان الجمعة، ويأوي بالليل إلى منزله. ذهب إليه ابن عمر، وأنس، وأبو هريرة.