فإن كان بعضها بائنًا من بعض بحيث يقصر إذا أراد أن يسافر من بعضها، وإن لم يفارق الباقي ... فهذه متفرقة لا تجب عليهم الجمعة، وهذا ثبت من قوله: إن الأزقة والسكك بين الدور لا تكون فاصلة بينها؛ لأن أصحابنا ذكروا: أنه لا يجوز القصر لمن يسافر من بغداد، حتى يفارق نهر بغداد، وكذلك الرحبة تكون في القرية، فإن انهدمت القرية، وأقام أهلها فيها يصلحونها
فإنهم يصلون الجمعة فيها، سواء كانوا في مظال، أو غير مظال؛ لأنهم في موضع استيطانهم.
وإن خرج أهل البلد إلى خارج البلد، وأقاموا فيه الجمعة ... لم تصح.
وقال أبو حنيفة:(تصح خارج المصر قريبًا منه، نحو الموضع الذي يصلى فيه العيد) .
وقال أبو ثور:(الجمعة كسائر الصلوات، إلا أن فيها خطبة، فحيثما أقيمت ... جاز) . واحتج: أن عمر كتب إلى أبي هريرة: (أن جمعوا حيث كنتم) .
ودليلنا على أبي حنيفة: أنه موضع يجوز أن يقصر فيه المسافر من أهل البلد ... فلم تجز إقامة الجمعة فيه، كالبعيد.
وعلى قول أبي ثور: أن قبائل العرب كانت حول المدينة، ولم ينقل: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرهم بإقامة الجمعة، ولا أقاموها، وأما حديث عمر: فمحمول على أنه أراد حيث كنتم، من بلد، أو قرية.