و [الثاني] : قال في الجديد: (تؤخذ منه الزكاة لا غير) ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس في المال حق سوى الزكاة» ، ولأنها عبادة، فلا يجب بالامتناع منها أخذ شطر ماله، كسائر العبادات، والخبر منسوخ؛ لأن العقوبات كانت في أول الإسلام في الأموال.
والضرب الثالث: من لا يقر بوجوب الزكاة، فإن كان قريب عهد بالإسلام، أو ناشئًا في بادية لا يعلم وجوب الزكاة.. فإنه يعرف وجوب الزكاة.
وإن كان ممن نشأ مع المسلمين.. فإنه يحكم بكفره؛ لأن وجوب الزكاة معلوم من دين الله تعالى من طريق توجب العلم الضروري؛ لكونها معلومة من نص الكتاب والسنة المتواترة وإجماع الخاصة والعامة، فمن جحد وجوبها بعد ذلك.. حكم بكفره.
فإن قيل: أفليس الذين منعوا الزكاة في زمان أبي بكر زعموا أنها غير واجبة عليهم، ولم يكفروا؟
قلنا: إنما لم يكفروا؛ لأن وجوبها لم يكن مستقرًا في ذلك الوقت؛ لأنهم اعتقدوا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان مخصوصًا بذلك، ولهذا قال عمر لأبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: كيف نقاتلهم؟! وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإذا قالوا، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» ، فقال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (الصلاة من حقها، والزكاة من حقها، والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة، والله لو منعوني عناقًا - وروي: عقالًا - مما أعطوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتلتهم عليه) ثم اجتمعت الصحابة بعد ذلك معه على قتالهم، فاستقر الوجوب.