وروي عن الحسن البصري، أنه قال:«حدثني سبعون من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنه مسح على الخفين» .
ولأن الحاجة تدعو إلي لبسه، وتلحقه المشقة في نزعه، فجاز المسح عليه، كالجبائر.
إذا ثبت هذا: فإن الشيخ أبا نصر قال في " المعتمد ": غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين، على قياس قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقال الشعبي، والحكم، وحماد: المسح على الخفين أفضل من الغسل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه» .
دليلنا: أن الغسل أصل، والمسح بدل منه، فكان أفضل منه.
وأما الخبر: فإنما هو حث على ألا يترك الرخصة رغبة عنها.
ولا يجوز مسح الخفين في الغسل الواجب، كغسل الجنابة، والحيض، لما روى صفوان بن عسال المرادي: قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا إذا كنا مسافرين ـ أو سفرًا ـ ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط أو بول، أو نوم ثم نحدث بعد ذلك وضوءًا» ، ولأن الغسل يندر، فلم تدع الحاجة إلى مسح الخفين فيه.