والمراد به: لا يحلق بنفسه ولا بغيره، وانصرافه إلى حلقه بغيره أظهر؛ لأن العادة أن الإنسان لا يحلق رأسه بنفسه.
إذا ثبت هذا: فإن حلق واحد منهما شعر المحرم.. نظرت: فإن كان بأمره.. وجبت الفدية على المحلوق؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لكعب بن عجرة:«احلق رأسك، وانسك شاة» ولم يفرق بين أن يحلقه بنفسه، أو بغيره. ولأنه مستحفظ على شعره، أما على سبيل العارية أو الوديعة، فأيهما كان وأتلفه في يده باختياره.. وجب عليه الضمان، ولا يجب على الحالق شيء.
وقال أبو حنيفة:(إن كان الحالق محرما.. كان عليه صدقة) .
دليلنا: أنه أزال شعره بإذنه، فلم يكن على المزيل شيء، كما لو كان الحالق حلالا.
وإن حلقه غيره بغير إذنه، بأن كان نائما أو أكرهه على ذلك.. وجبت الفدية وعلى من تجب؟ فيه طريقان:
[الأول] : قال أبو علي بن أبي هريرة: تجب على الحالق قولا واحدا. فإن هرب، أو غاب، أو كان معسرا.. فهل تجب على المحلوق؟ فيه قولان.
و [الثاني] : قال الشيخ أبو إسحاق والشيخ أبو حامد وعامة أصحابنا: في الوجوب قولان:
أحدهما: يجب على الحالق ولا شيء على المحلوق. وبه قال مالك وأبو حنيفة، وهو الصحيح؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
ولأنه شعر زال عنه بغير اختياره، فأشبه إذا مرض وتمعط عنه شعره. ولأنه أمانة عنده، فإذا أتلفه غيره.. كان الضمان على المتلف، كالوديعة.
والثاني: يجب على المحلوق، ويرجع بها على الحالق؛ لأن المحلوق هو الذي