ترفه بالحلق، فكانت الفدية عليه. ولأنه شعر زال عن المحرم بفعل آدمي، فكانت الفدية عليه، كما لو حلقه بإذنه.
قال الشيخ أبو حامد: وأصل المسألة أن قول الشافعي اختلف في أن شعر المحرم عنده على سبيل الوديعة أو العارية؟ وفيه قولان:
أحدهما: أنه كالوديعة.
فعلى هذا: إذا تلفا بغير تفريط.. فلا ضمان عليه.
والثاني: أنه كالعارية، فإذا تلف بأي وجه كان.. فعليه الضمان.
وقال القاضي أبو الطيب: هذا خطأ عندي، وينبغي أن يكون كالوديعة؛ لأن العارية ما أمسكها لمنفعة نفسه، وهذا منفعته في إزالته. ولأنه لو احترق بشرارة وقعت عليه أو تمعط بمرض.. لم يجب عليه ضمانه.
قال الشيخ أبو حامد: ولا يلزم على قولنا: إنه على سبيل العارية، إذا تلف بشرارة أو مرض؛ لأن العارية إنما يجب ضمانها على المستعير إذا تلفت بغير فعل المالك وهاهنا إذا زال شعره بالاحتراق أو بالمرض.. فإنما هو بمنزلة من أعار غيره عينا، فأتلفها المالك.. فإنه لا ضمان على المستعير.
إذا ثبت ما ذكرناه: فإن قلنا: إن الفدية تجب على الحالق ابتداء.. نظرت: فإن أخرجها.. فلا كلام، وهو مخير في الافتداء بين: الهدي أو الإطعام أو الصيام، وإن لم يخرجها.. فقال عامة أصحابنا: للمحلوق مطالبته بالإخراج؛ لأنه وجب بسببه، وقال ابن الصباغ: ليس له ذلك؛ لأن الوجوب تعلق بالفاعل لحق الله تعالى دون المحلوق. فإن كان الحالق معسرا.. بقيت في ذمته ولا شيء على المحلوق وإن قلنا: إن الفدية تجب على المحلوق، فإن كان الحالق حاضرا قادرا على