إذا ثبت أنه ليس بركن.. فقال الشيخ أبو حامد: هل هو سنة، أو هيئة؟ فيه قولان. وسمى ما وجب بتركه الدم سنة مثل الرمي، كالسنن التي يقتضي تركها سجود السهو في الصلاة، وما لا يجب بتركه الدم، كالاضبطاع والرمل هيئة.
وأما الشيخ أبو إسحاق: فقال: هل هو واجب أم لا؟ فيه قولان.
فإذا قلنا: إنه سنة على عبارة الشيخ أبي حامد، أو واجب على عبارة الشيخ أبي إسحاق.. وجب بتركه الدم. ووجهه: قوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ:«من ترك نسكا.. فعليه دم» .
وإذا قلنا: إنه هيئة.. لم يجب بتركه الدم. ووجهه: حديث الحارث بن مضرس، ولأنه مبيت، فلم يجب بتركه الدم، كالمبيت بمنى ليلة عرفة.
وفي أي موضع من المزدلفة بات.. أجزأه.
قال الشافعي:(وحد مزدلفة: ما بين مأزمي عرفة إلى مأزمي محسر على يمينك وشمالك من تلك المواطن الظواهر، والقوابل والشعاب) . والمأزمان - بوادي محسر ـ ليستا من المزدلفة؛ لقوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ:«مزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر» .
والمستحب له: أن يبيت بها إلى أن يطلع الفجر الثاني من يوم النحر؛ لـ:(أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ بات بها إلى أن طلع الفجر، وصلى بها الصبح) ، فإذا طلع الفجر.. فالمستحب: أن يصلي الفجر في أول وقتها، وهكذا يستحب في سائر الأيام إلا أن