والثاني: أنه على الترتيب. واختاره المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢١٣]- فيجب الدم، فإن لم يجده قومه دراهم والدراهم طعاما وتصدق على كل مسكين بمد، فإن لم يجد صام عن كل مد يوما. ولم يذكر له دليلا، والأول هو المشهور.
والدم الثالث - من الدماء المنصوص عليها في القرآن -: دم جزاء الصيد، وهو على التخيير.
وقال أبو ثور:(هو على الترتيب) ، وليس بشيء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥][المائدة: ٩٥] . فخيره بين المثل والإطعام والصيام.
قال أصحابنا: وهذا الدم أصل لا فرع له يرد إليه؛ لأن ضمان الصيد يجري مجرى ضمان الأموال، ألا ترى أن جزاء الصيد يختلف باختلاف الصيد في كبره وصغره؟ وليس في الحج دم آخر ضمانه كضمان الأموال حتى يرده إليه.
قلت: ولو رد الجزاء في إتلاف شجر الحرم إلى جزاء الصيد كان محتملا؛ لأن ضمانه ضمان الأموال، بدليل: أنه يختلف بصغره وكبره، ولكني لم أجده لأحد من أصحابنا.
والدم الرابع - من الدماء المنصوص عليه في القرآن في الحج -: وهو دم الإحصار؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦][البقرة: ١٩٦] .
وهذا الدم أصل لا فرع له فيرد إليه، فإن كان واجدا للهدي أخرجه، وإن كان عادما فهل له بدل؟ فيه قولان، مضى ذكرهما.