الجاني عليه بدرهم، وإن رجع المالك على الجاني بدرهم.. لم يكن له أن يطالب الغاصب إلا بتسعة، ولم يرجع الغاصب على الجاني بشيء، كذلك هاهنا مثله. فقول أبي إسحاق يوافق قول المزني في قدر منتهى ما يؤخذ من كل واحد منهما وإن خالفه في ترتيب الوجوب ومعناه. فإن نقصت قيمة الصيد بجناية الأول ثلاثة دراهم وبجناية الثاني درهما.. فإن الأول يجب عليه نصف قيمته يوم جنايته عليه وهو خمسة دراهم ونصف أرش جنايته وهو درهم ونصف، فذلك ستة ونصف، ويجب على الثاني نصف قيمته يوم جنايته ثلاثة ونصف، ونصف أرش جنايته نصف درهم، إلا أن هذا النصف الدرهم على الثاني لأجل جنايته على النصف الذي دخل في ضمان الأول. فإن رجع المالك على الأول بستة دراهم ونصف.. فقد استوفى حقه منه بقيمة ما دخل في ضمانه، فيرجع الأول على الثاني بنصف الدرهم الذي وجب على الثاني لأجل ما جنى على ما ضمنه الأول، ولا يرجع المالك على الثاني إلا بثلاثة دراهم ونصف درهم.
وإن رجع المالك على الثاني بأربعة دراهم.. رجع على الأول بستة دراهم لا غير، ولا يرجع الأول على الثاني بشيء.
والوجه الثالث ـ وهو قول أبي الطيب بن سلمة ـ: أنه يجب على كل واحد منهما نصف قيمته يوم جنايته، ونصف أرش جنايته، كما قال أبو إسحاق، إلا أنه قال: لا يرجع الأول على الثاني بشيء؛ لأن ذلك يؤدي إلى التسوية في قدر ما يجب على كل واحد منهما مع اختلاف قيمة الصيد عند جنايتيهما، ولكن يضم نصف قيمة الصيد يوم جناية الأول وهو خمسة، ونصف أرش جنايته وهو نصف درهم، إلى نصف قيمة الصيد يوم جناية الثاني وهو أربعة ونصف، ونصف أرش جنايته وهو نصف درهم، فذلك كله عشرة ونصف، وتقسم العشرة وهي قيمة الصيد على عشرة ونصف، فما خص خمسة ونصفا.. وجب على الأول، وما خص خمسة.. وجب على الثاني. وكيفية ذلك: أنك تبسط العشرة التي معها النصف أنصافا؛ ليكون النصف معها فتكون عشرين وتضيف إليها النصف الزائد عليها، فتكون إحدى وعشرين، فتجعل ذلك أجزاء الدراهم، ثم تضرب العشرة المقسومة في إحدى وعشرين، فذلك مائتان وعشرة، فاقسمها على إحدى وعشرين، وهي الأنصاف المبسوطة، فيخص كل نصف