دراهم، وبجناية الثاني درهم.. وجب على الأول أرش جنايته ثلاثة دراهم، وعلى الثاني درهم، ثم يقسم ما بقي من قيمته بعد ذلك، وهو ستة بينهما نصفين فيجب على الأول ستة وعلى الثاني أربعة. فإن قيل: فهلا سويتم بينهما في الضمان هاهنا، كما قلتم في الحر إذا قطع رجل يديه، ثم قطع آخر رجله فمات: أن الدية تجب عليهما نصفين؟ قلنا: الفرق بينهما: أن الحر لا تنقص ديته بالجناية عليه، ألا ترى أن رجلا لو قطع يد رجل ورجليه، ثم قتله آخر.. لكان على القاتل ديته كاملة، بخلاف الصيد.
والوجه الثاني ـ وهو قول أبي إسحاق ـ: أنه يدخل نصف أرش جناية كل واحد منهما فيما ضمنه من نفسه؛ لأن الجناية إذا صارت نفسا.. سقط حكم الجناية. وقد أتلف كل واحد منهما نصف نفسه فدخل نصف أرش جنايته في قيمة ذلك النصف ولم يدخل النصف الآخر في أرش جنايته؛ لأن المتلف للنصف الآخر غيره، فيجب هاهنا على الأول نصف قيمته يوم جنى وهو خمسة ونصف أرش جنايته لأجل النصف الذي جنى عليه الثاني، فيكون عليه خمسة دراهم ونصف، ويجب على الثاني نصف قيمته يوم جنى عليه وهو أربعة دراهم ونصف، ونصف أرش جنايته وهو نصف درهم لأجل النصف الذي ضمنه الأول.
وإذا ثبت: أن هذا النصف الذي وجب على الثاني لأجل جنايته على النصف الذي ضمنه الأول.. فللأول أن يرجع به على الثاني؛ لأن من جنى على ما دخل في ضمان غيره.. فإن للمضمون عليه مطالبة الجاني بأرش الجناية.
فعلى هذا: إن أخذ مالك الصيد من الأول خمسة دراهم ونصف درهم.. لم يأخذ من الثاني غير أربعة دراهم ونصف درهم، وللأول أن يرجع على الثاني بنصف درهم وهو ما وجب عليه بجنايته على النصف الذي ضمنه الأول. وإن أخذ مالك الصيد من الثاني خمسة دراهم.. لم يكن له أن يأخذ من الأول غير خمسة دراهم، ولم يرجع الأول على الثاني بشيء، وهذا كما نقول في رجل غصب من رجل ثوبا قيمته عشرة دراهم، فجنى عليه آخر في يد الغاصب جناية تنقص من قيمته درهما، ثم تلف الثوب في يد الغاصب.. فإن المالك إذا رجع على الغاصب بالعشرة.. رجع الغاصب على