والخشبة عين. وإذا كان الشيء حكمًا، فقيل: فلان لا يحمله.. فمعناه: أي أنه لا يقبل حكمه، ولا يلتزمه، كما قال الله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}[الجمعة: ٥][الجمعة: ٥] . فأراد: أنهم حملوا أحكامها، فلم يقبلوها، ولم يلتزموها، لا أنهم يضعفون عن حملها؛ لأن المراد به الحكم، وكذلك النجاسة هي حكم لا عين.
وأما الخبر الذي احتج به مالك: فيحمله على الماء الكثير، بدليل ما ذكرناه.
وأما الخبر الذي احتج به أبو حنيفة: فيحمله على الماء القليل، بدليل خبرنا، فاستعمل الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - الأخبار الثلاثة، وأخذ مالك بواحد من الأخبار الثلاثة، وأسقط اثنين، وكذلك أبو حنيفة أخذ بواحد منها، وأسقط اثنين.
إذا ثبت هذا: فإن هجر - التي تنسب القلال إليها - موضع بقرب المدينة، كان ابتداء عمل القلال بها، فنسبت إليها، ثم عملت بعد بالمدينة.
و (القلة) : حب يسع جرارا من الماء، وجمعها: قلال. قال الشاعر:
يمشون حول مكدم قد كدحت ... متنيه حمل حناتم وقلال
و (الحناتم) - جمع حنتم - وهي: الجرة الكبيرة، ذات عروتين، وهو يصف الحمار.
واختلف أصحابنا في حد القلتين.
فمنهم من قال: هما خمسمائة منًا، وهو ألف رطل بالبغدادي.
وقال أبو عبد الله الزبيري: هما ثلاثمائة منًا، وهو ستمائة رطل بالبغدادي.