وقال الشيخ أبو حامد، وعامة أصحابنا: هما خمسمائة رطل بالبغدادي، وهو المنصوص؛ لأن ابن جريج قال: رأيت قلال هجر، فرأيت القلة منها تسع قربتين، أو قربتين وشيئًا.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (والاحتياط أن تجعل قربتين ونصفًا) .
قال الشافعي:(والقربة بالحجاز، تسعمائة رطل) ، فصار ذلك خمسمائة رطل، وهل ذلك تحديد أو تقريب؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: هو تقريب، فإن نقص منه رطلان أو ثلاثة أو ما أشبه ذلك، لم يؤثر نقصانه؛ لأن الشيء قد يستعمل فيما دون النصف في العادة، ولهذا يقال في الشيئين وأكثر من نصف الثالث: ثلاثة إلا شيئًا.
و [الثاني] : قال أبو إسحاق: هو تحديد، فإن نقص منه نصف رطل، وما أشبهه.. فينجس بوقوع النجاسة فيه؛ لأن الحكم قد يجب للاحتياط، واستيفاء الواجب، كما يجب أن يصوم جزءًا من الليل لاستيفاء النهار، وكما يجب غسل شيء من الرأس لاستيفاء غسل الوجه.
إذا ثبت هذا: فنقول: إن داود قال: (إذا بال الإنسان في الماء الراكد، ولم يجز له أن يتوضأ منه وإن كان كثيرًا لم يتغير، ولا يحكم بنجاسته، فيجوز لغيره أن يتوضأ منه، وكذلك إذا تغوط الإنسان في الماء.. جاز له ولغيره الوضوء به إذا لم يتغير به) . وهذا خطأ بين لا يحتاج إلى الاستدلال عليه، وإنما قال هذا لتركه القياس.