إلى التصرية.. فهل يكون ذلك عيبًا يثبت لأجله الرد للمشتري؟ فيه وجهان، حكاهما الشاشي.
وأما الكلام في زمان الخيار: فقد روي في الخبرين: «أنه بالخيار ثلاثة أيام» . واختلف أصحابنا في ذلك:
فقال أبو إسحاق: إنما قدر خيار التصرية بالثلاث؛ لأنه لا يمكن معرفة التصرية بما دون الثلاث؛ لأنه إذا حلبها في اليوم الأول.. يجد لبنها كثيرًا، فيظن أنه لبن عادة، ويجوز أن يكون لأجل التصرية، فإذا حلبها في اليوم الثاني، فكان أنقص.. يجوز أن يكون هذا لأجل التصرية، ويجوز أن يكون لاختلاف الأيدي والمكان والعلف، فإن اللبن يختلف لأجل ذلك، فإذا حلبها في اليوم الثالث.. زالت الريبة؛ لأنه إن كان لبنها مثل اللبن في اليوم الأول.. علم أن نقصانه في اليوم الثاني إنما كان لاختلاف اليد أو المكان أو العلف، وأنه لم يكن لعيب التصرية، وإن كان لبنها مثل لبن اليوم الثاني.. علم أن النقصان في الثاني والثالث لأجل التصرية، فإذا مضت الثلاث.. استبانت التصرية، وثبت له الخيار على الفور. فأبو إسحاق يحيل معرفة التصرية والاطلاع عليها من جهة التجربة قبل الثلاث.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: الثلاث المذكورة في الخبر إنما يثبت له الخيار فيها بالشرط، فمتى شرط خيار الثلاث في البيع، فوجدها مصراة.. ثبت له الخيار في الثلاث، أي وقت شاء منها؛ للخبر. وأما إذا لم يشترط خيار الثلاث، وعلم أنها مصراة.. ثبت له الخيار على الفور؛ لأنه خيار ثبت لنقص، فكان على الفور، كسائر العيوب. فهذا القائل لا يحيل اطلاعه على عيب التصرية قبل الثلاث.
وقال القاضي أبو حامدٍ: إذا علم أنها مصراة قبل الثلاث.. فله الخيار إلى تمام الثلاث؛ لظاهر الخبر. وقد نص الشافعي على هذا في " اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ".