وإن اشترى مصرَّاة مع العلم أنها مصراة، بأن أعلمه البائع.. فهل للمشتري الخيار؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا خيار له؛ لأن البائع أطلعه على العيب، فلم يثبت له الخيار، كما لو باعه سلعة معيبة وأعلمه بعيبها.
والثاني: يثبت له الخيار؛ لأن العيب لا يتحققه؛ لأنه يجوز أن يكون انتفاخ الضرع وازدياد اللبن لأجل التصرية، ويجوز أن يكون لا لأجل التصرية، وإنما الزيادة من قبل العلف، ولعله يدوم ولا يتبين له ذلك إلا فيما بعد، فيثبت له الخيار.
قال الشيخ أبو حامد: وهذان الوجهان مأخوذان من رجل تزوج امرأةً، فوجدته عِنِّينًا، ففسخت النكاح، ثم تزوج بها ثانيًا فوجدته عنِّينًا، فهل يجوز لها فسخ النكاح لأجل العنة؟ فيه قولان:
[أحدهما] : قال في القديم: (لا خيار لها؛ لأنها قد تزوجته مع العلم بعنته) .
و [الثاني] : قال في الجديد: (لها الخيار؛ لأنه قد يكون عنينا في نكاح دون نكاح) . فكان لها الخيار؛ لأنها لم تتحقق عنته في النكاح الثاني.
وإن وجدها مصراة، فدام ذلك اللبن، ولم ينقص.. فهل له الخيار؟ فيه وجهان:
أحدهما: يثبت له الخيار؛ لأن التدليس كان موجودًا حال العقد، فثبت له الخيار، ولم يسقط بعد ذلك بغير رضاه.
والثاني: لا خيار له؛ لأن الخيار إنما يثبت للنقصان، ولا نقص عليه مع دوام اللبن.
قال الشيخ أبو حامد: وهذان الوجهان مأخوذان من القولين في الأمة، إذا أعتقت وهي تحت عبد، فقبل أن يفسخ النكاح أعتق العبد:
أحدهما: يثبت لها الخيار اعتبارًا بالابتداء.
والثاني: لا خيار لها؛ لأنه لا نقص عليها في الانتهاء.