و [الثاني] : قال أبو سعيد الإصطخري: لا تكون الصفرة والكدرة حيضا، إلا إذا رأت ذلك في أيام العادة، بأن تكون قد حاضت في أيام من الشهر دمًا أسود، أو أحمر، ثم رأت ـ في الشهر الثاني في مثل تلك الأيام ـ صفرة أو كدرة. فأما إذا رأت المبتدأة صفرة، أو كدرة، أو رأت المعتادة في غير أيام العادة الصفرة أو الكدرة.. لم يكن ذلك حيضًا؛ لما روي «عن أم عطية، وكانت قد بايعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنها قالت: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الغسل شيئًا» ولأنه ليس فيه أمارة الحيض، فلم يكن حيضًا.
والثالث ـ وهو اختيار أبي علي الطبري ـ: إن تقدمهما دم قوي، كالأسود، والأحمر، ولو بعض يوم؛ كانا حيضًا.
وإن لم يتقدمها دم قوي.. فليسا بحيض. وهو قول أبي ثور.
وقال أبو يوسف: الصفرة حيض، والكدرة ليست حيض، إلا أن يتقدمها دم.
والأول أصح: لأنه دم في زمان الإمكان، ولم يجاوز الأكثر، فكان حيضًا، كالأسود، وكما لو كان في أيام العادة.
وما روي عن أم عطية يعارضه ما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: (كنا نعد الصفرة والكدرة حيضًا» وقولها أولى؛ لأنها أعلم.