فإن رأت المبتدأة خمسة أيام دما أسود، ثم رأت خمسة أيام دما أصفر أو كدرة، ثم رأت خمسة أيام دمًا أسود، وانقطع.. فعلى قول أبي سعيد الإصطخري: أن الصفرة والكدرة هاهنا ليست بحيض.
وعلى الوجه الذي اختاره أبو علي الطبري: الجميع هاهنا حيض.
وأما على قول عامة أصحابنا: فإن أبا العباس ابن سريج قال: تكون الصفرة والكدرة هاهنا طهرًا واقعا بين الدمين. فتكون على قولين في التلفيق؛ لأن عادة دم الحيض، كلما تطاول به الأيام.. رق وضعف، وتغيرت صفته.
فإذا رأت في الابتداء دما أسود، ثم رأت بعده صفرة، أو كدرة.. حمل على: أن الصفرة والكدرة بقية ذلك الدم.
فإذا رأت بعده دم أسود، علم أنه ليس ببقيته، بل هو بحكم الطهر.
قال ابن الصباغ: وهذا لا يجيء على قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقول أبي العباس؛ لأن عندهما: أن الصفرة والكدرة في زمان الإمكان حيض. وإنما يجيء على قول أبي سعيد الإصطخري.
وإن رأت الدم، وعبر على خمسة عشر يوما.. فقد اختلط الحيض بالاستحاضة؛ لأنا حكمنا بأن ابتداء الدم حيض، ولا يزيد الحيض على خمسة عشر يوما، ويجوز أن يكون قد وردت الاستحاضة على الحيض، لأن الحيض في النساء جبلة وعادة وصحة، لا تنقطع إلا من علة أو كبر، والاستحاضة مرض وسقم، والمرض يطرأ على الصحة، والصحة تطرأ على المرض، وأحدهما لا ينفي الآخر، فكذلك الحيض