اشترى بعين مال الغاصب.. فالشراء باطل، فلا يتصور الربح، وإن اشترى بثمن في ذمته، ونقد المال المغصوب في الثمن.. فقد ملك السلعة، ولزمه الثمن في ذمته، فإذا نقد الثمن من المال المغصوب.. فقد تعدى بذلك، ولا تبرأ ذمته من الثمن، فإذا حصل ثمن السلعة.. فقد حصل ثمن ملكه.
واختلف أصحابنا في مأخذ هذين القولين:
فمنهم من قال: إنما ذكر الشافعي رحمة الله عليه هذا في القديم؛ لأنه كان يذهب في القديم إلى جواز البيع الموقوف. وهذه طريقة القفال والخراسانيين من أصحابنا.
وقال أبو العباس، وأبو إسحاق رحمهما الله، وأكثر أصحابنا: لا يعرف للشافعي جواز البيع الموقوف في قديم ولا جديد، وإنما ذهب إلى هذا في القديم للمصلحة، كما ذكرناه.
إذا ثبت هذا: فإن قلنا هاهنا بقوله القديم وأن الربح للمغصوب منه.. فإن لرب المال هاهنا نصف الربح إذا كان قد قارض الأول على نصف الربح، وأما النصف الثاني: فقال المزني: يكون بين العاملين نصفين، واختلف أصحابنا في ذلك على أربعة أوجه:
أحدها: أن الحكم فيها كما قال المزني، وأن العامل الثاني يأخذ ربع الربح، ولا شيء له غير ذلك؛ لأن الأول قارض الثاني على أن ما رزق الله من الربح.. بينهما، والذي رزقهما الله من الربح هو النصف، وأما النصف الآخر: فهو مستحق لرب المال.
والثاني: أن العامل الثاني يستحق ربع الربح، ويأخذ مع ربع الربح نصف أجرة مثله؛ لأنه دخل على أن يأخذ نصف ما رزق الله من ربح، والربح يقع على ما زاد على رأس المال، ولم يحصل له إلا نصف المشروط، فوجب أن يرجع بنصف أجرة مثله.