والثالث: وهو قول المسعودي [في (الإبانة) : ق \ ٢٢٣] : إن قال الأول للثاني: قارضتك أو اعمل لي على أن لك نصف الربح.. استحق هاهنا مع ربع الربح نصف أجرة المثل، كما قال صاحب الوجه الثاني، وإن قال: قارضتك أو اعمل على ما رزق الله تعالى بيننا.. فله ربع الربح من غير شيء معه، كما قال صاحب الوجه الأول.
والرابع: وهو قول ابن الصباغ: أن نصف الربح لا يقسم بين العاملين، بل يكون للعامل الأول؛ لأن المضاربة فاسدة، والشرط لا يثبت مع الفاسد، فيرجع العامل الثاني على العامل الأول بجميع أجرة مثله؛ لأنه غره.
وأما إذا قلنا بالقول الجديد، وأن ربح المال المغصوب للغاصب، وكان العامل الثاني قد اشترى في الذمة، ونقد الثمن من مال القراض وربح.. فلمن يكون الربح؟ قال المزني: يكون الربح هاهنا للعامل الأول، وللعامل الثاني أجرة عمله، واختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من خطأ المزني، وقال: يكون الربح هاهنا للعامل الثاني؛ لأنه هو المتصرف هاهنا، فكان الربح له كالغاصب.
ومنهم من وافق المزني، وقال: يكون الربح هاهنا للأول؛ لأن الثاني هاهنا تصرف للأول، فكان الربح له، ويجب للثاني أجرة مثله، بخلاف الغاصب له، فإنه تصرف لنفسه، وأما الضمان: فإن كان المال باقيا.. فللمالك أن يطالب برده من شاء منهما، وإن كان تالفا.. فله أن يطالب به من شاء من العاملين، فإن طالب الأول.. لم يرجع الأول على الثاني؛ لأنه دخل معه على الأمانة، وإن رجع به على الثاني.. فهل يرجع الثاني على الأول؟ فيه قولان.
(الأول) : قال في القديم: (يرجع عليه) ؛ لأنه غره.
و (الثاني) : قال في الجديد: (لا يرجع عليه) ؛ لأن التلف حصل بيده.