تملكها، فإن تملكها العبد وتصرف فيها. فإنه لا يملكها ويضمنها، وفي محل ضمانه لها وجهان:
أحدهما: يضمنها في ذمته، كما لو اقترض شيئًا فاسدًا، أو قبضه وأتلفه.
والثاني ـ وهو قول الشيخ أبي حامد ـ: أنه يضمنها في رقبته؛ لأنه لزمه بغير رضى من له الحق، بخلاف القرض الفاسد.
وأما إذا علم بها السيد: فله أخذها من يده؛ لأن كسبه له، فإن أخذها السيد بعد أن عرفها العبد.. كان للسيد أن يتملكها. وإن كان العبد قد عرفها بعض الحول.. فللسيد أن يكمل التعريف ويتملكها. وإن كان قبل أن يعرفها العبد.. عرفها السيد حولًا وتملكها. وإن لم يأخذها السيد من العبد، بل أقرها في يده، فإن كان العبد ثقة.. جاز، كما لو استعان به في حفظ ماله، ويكون الحكم فيه كما لو أخذها السيد منه. وإن كان العبد غير ثقة.. ضمنها السيد وزال الضمان عن العبد؛ لأن السيد فرط في إقرارها بيده، فلزمه ضمانها، كما لو أخذها من يده وردها إليه؛ لأن يد العبد كيد سيده.
وإن علم فلم يأخذها من يده ولم يقرها، وإنما أهملها في يده.. فهل يجب على السيد ضمانها؟ قال ابن الصباغ: فيه وجهان، يأتي توجيههما.
وأما إذا قلنا: لا يصح التقاط العبد.. فإن العبد يضمنها بالأخذ؛ لأنه أخذ ما لًا يجوز له أخذه، فهو كما لو غصب مال غيره، فإن علم بها السيد.. فإنه لا يخلو: إما أن يأخذها من يده، أو يقرها في يده، أو يهملها. فإن أخذها من يده.. زال الضمان عن العبد، وصار كأن السيد التقطها.
قال ابن الصباغ: وينبغي لو أخذها غير السيد من الأحرار.. أن يزول عن العبد الضمان؛ لأن كل من هو من أهل الالتقاط نائب عن صاحبها.
فإن قيل: إذا حصل الشيء مضمونًا، لم يزل الضمان بالانتقال إلى يد غير يد مالكه..
فالجواب: أنه إنما لا يزول الضمان إذا أخذه من لا يجوز له أخذه، وهاهنا يجوز للسيد أخذها، فصار كما لو غصب عينًا، فدفعها الغاصب إلى وكيل المغصوب منه.