إذا ثبت هذا: فإن اختار السيد حفظها على صاحبها.. جاز. وإن اختار تملكها.. عرفها حولًا ثم تملكها. فإن كان العبد قد عرفها.. لم يعتد بتعريفه؛ لأن وجود التقاطه بمنزلة عدمه، فكذلك تعريفه.
وإن لم يأخذها السيد منه، ولكن أقرها في يده ليعرفها، فإن كان العبد ثقة.. جاز وزال عن العبد الضمان؛ لأن العبد صار ممسكًا لها عن السيد، فصار كما لو أخذها السيد من يده وردها إليه.
وإن كان العبد غير ثقة.. ضمنها السيد؛ لأنه فرط في تركها في يده؛ لأن يد السيد على العبد وعلى ما في يده، فصار كما لو أخذها السيد منه ثم ردها إليه.
وإن لم يأخذها السيد منه ولا أقرها، ولكن أهملها في يده.. فقد روى المزني:(أن السيد يضمنها في رقبة عبده) ، ونقل الربيع:(أنه يضمنها في رقبة عبده وسائر أمواله) . وأراد بقوله (وسائر أمواله) : في ذمته.
فمن أصحابنا من قال: الصحيح ما نقله المزني، وأنه يضمنها في رقبة عبده لا غير؛ لأن السيد لا يضمن جنايات عبده في ذمته، وإنما يتعلق الضمان برقبة العبد لا غير، فإن تلف العبد.. سقط حق صاحب اللقطة.
وقال أبو إسحاق: الصحيح ما نقله الربيع، وقد نقله المزني في "جامعه الكبير " وإنما أسقطه في " المختصر "؛ لأن السيد قد كان يمكنه أن يأخذها منه، أو يقرها في يده، فإذا لم يفعل.. صار متعديًا، فكان ضامنًا لها في ذمته، كما لو غصب العبد مالًا لغيره، وعلم به السيد، وأمكنه انتزاعه منه، فلم يفعل حتى تلف في يد العبد، فإن السيد يضمنه في ذمته.
فعلى هذا: إن تلف العبد.. تعلق الضمان بذمة السيد.
وإن كان على السيد ديون وأفلس.. كان للملتقط أن يأخذ حقه من العبد، ولا يشاركه الغرماء فيه.
وإن لم تف قيمته بحقه.. ضارب الغرماء فيما بقي له من قيمة اللقطة في مال السيد. ومن أصحابنا من قال: فيها قولان، ووجههما ما ذكرناه.