رأس المال، والوصية به تقتضي التذكارية، والنص محمول عليه إذا صرح بأن يفعل من الثلث.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: إن لم يقرن بوصيته بالواجب وصية أخرى.. كان من رأس المال. وإن قرن بها وصية أخرى يكون من الثلث، بأن قال: اقضوا ديني، وأعتقوا عني رقبة، أو تصدقوا عني تطوعا بكذا.. كان جميع ذلك من الثلث؛ لأنه لما قرن الواجب مع ما يخرج من الثلث.. علم أن الجميع من الثلث.
وأما العطايا المنجزة: فمثل أن يهب ويقبض، أو يبيع ويشتري بمحاباة، فإن كان ذلك في صحته.. اعتبر من رأس ماله وإن تأتى على جميع ماله؛ لأنه لا حق لأحد في ماله، ولا اعتراض عليه. وإن فعل ذلك في مرضه.. فالمرضى على ثلاثة أضرب:
مريض حكمه حكم الصحيح، ومريض حكمه حكم الميت، ومريض يخاف عليه التلف من مرضه ويرجى برؤه.
فأما [الضرب الأول] الذي حكمه حكم الصحيح فهو: أن يكون به مرض ولا يخاف عليه منه التلف، مثل: حمى يوم، ووجع الضرس والصداع ووجع العين وما أشبه ذلك.. فهذا حكم تصرفه حكم الصحيح؛ لأن هذه الأشياء لا يخاف منها التلف غالبا، ولا يخلو الإنسان من مثلها. وإن اتصل الموت بهذه الأشياء.. صار كمن مات فجأة بلا مرض.
وفي هذا المعنى: المرض الذي لا يرجى برؤه، ولكنه يطول بصاحبه، ولا يعاجله الموت منه، كالسل في ابتدائه، والفالج إذا طال به، وما أشبه ذلك مما لا يخاف منه معاجلة الموت، وإن تحقق أنها لا تزول.. فحكمه حكم الصحيح، كتصرف الشيخ الهرم، هذا نقل البغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي [في " الإبانة " ق\٤٠٤] : الاعتبار بالمآل لا بالحال، فلو كان مرضا يسيرا فمات منه.. بان أنا أخطأنا، وأنه مخوف.