الكتابة؛ لأنه مستقر ودين الكتابة غير مستقر. وتأولوا كلام الشافعي تأويلين:
أحدهما: أنه أراد: إذا كان ماله يفي بدينه، وإنما حجر عليه الحاكم؛ لأنه خاف إفلاسه، فيسوي بينهم حينئذ في القسمة.
والثاني: أنه أراد: إذا وصى غرماؤه بأن يسوى بينهم في القسمة، فإن مات المكاتب قبل قسمة ماله؛ سقط عنه مال الكتابة؛ لأنها انفسخت بموته، وسقط أرش الجناية؛ لأنه تعلق برقبته وقد فاتت، ولأنه تعلق بماله بحكم الكتابة وقد انفسخت الكتابة، فلم يبق لها محل، ويبقى دين المعاملة وبدل القرض فيتقاصان ما كان في يده، فإن وفى ماله بهما.. فلا كلام، وإن لم يف ماله بهما.. قسط ماله بينهما على قدرهما، وإن بقي من ماله شيء بعدها.. كان لسيده بحكم الملك لا بحكم الكتابة. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي (في " الإبانة ") : فيه وجهان:
أحدهما: يقدم دين المعاملة والقرض على أرش الجناية بعد موته؛ لما ذكرناه.
والثاني: يسوى بين الجميع؛ لأنه لا محل للجناية بعد موته إلا بماله.
وأما إذا لم يكن في يد المكاتب مال، فإن اختار أصحاب الديون إنظاره إلى أن يكتسب.. جاز، وإن لم يختاروا إنظاره وأرادوا تعجيزه.. نظرت:
فإن طلب من له دين المعاملة وبدل القرض تعجيزه ورده إلى الرق.. لم يكن لهما ذلك؛ لأنه لا فائدة لهما في ذلك؛ لأن حقهما متعلق بما في يده لا في رقبته، بل الحظ لهما في تركه على الكتابة؛ لجواز أن يكتسب مالا، فيقضي دينهما منه.
وإن أراد المولى تعجيزه ورده إلى الرق لما عليه له من مال الكتابة.. كان له ذلك، فإن عجزه.. انفسخت الكتابة وسقط دين المعاملة وبدل القرض، وتعلق برقبته أرش