طلقها قبل الدخول وقد نقص الصداق في يدها من جميع الوجوه.. فإن الزوج بالخيار: بين أن يرجع في نصفه ناقصًا ولا أرش له، وبين أن يرجع بقيمة نصفه. ومتى يملك نصفه؟
على قول أبي إسحاق: يملكه بالطلاق واختيار التملك.
وعلى المنصوص: يملكه بالطلاق، ولا يفتقر إلى قضاء القاضي، وإنما عبر الشافعي عن وقت الملك بقضاء القاضي؛ لأنه أوضح ما يعلم به عود نصف الصداق، فمتى علم وقت عوده إليه ثم نقص بعد ذلك.. وجب عليها ضمان النقص؛ لأنها قبضت الصداق بعقد المعاوضة وقد انفسخت المعاوضة، فكان عليها ضمان ما نقص في يدها، كما لو اشترى سلعة فوجد بها عيبًا ففسخ البيع ثم نقصت في يده.. فإنه يجب عليه ضمان النقص.
وقد نص الشافعي في " الأم "(٥/٥٤) على: (أنه إذا طلقها قبل الدخول، والصداق في يدها فمنعته إياه.. كان عليها ضمان ما يحدث فيه من النقص) .
فمن أصحابنا من قال بظاهر هذا: وأنها إذا لم تمنعه.. لم يلزمها ضمان النقص، بل هو أمانة في يدها؛ لأنه حصل في يدها من غير تفريط.
ومنهم من قال: يجب عليها ضمان ما نقص في يدها، سواء منعته أم لم تمنعه، وهو الأصح، كما قلنا فيمن اشترى عينًا فوجد بها عيبًا ففسخ البيع، ثم نقصت في يده.. فإن عليه ضمان النقص بكل حال. وتأولوا كلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم " على أنه أراد: ضمان الغصب؛ لأن ضمان الغصب يطرأ على ما هو مضمون بالقيمة، كالعارية إذا منعها صاحبها. وقال أبو العباس: بل عطف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بهذا إذا زاد الصداق في يد الزوجة من جميع الوجوه.. فقد قلنا: إن الزيادة كلها لها، فقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ما لم يقض القاضي بنصفه) يعني: ما لم يقض له قاض مالكي بنصفه مع زيادته؛ لأن