واختلف الناس بعد الصحابة بهذه الكلمة، فقال أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومسروق: لا يجب فيها شيء. قال أبو سلمة: لا أبالي أن أحرمها أو أحرم ماء النهر. وقال مسروق: لا أبالي أن أحرمها أو أحرم قصعة ثريد.
وقال حماد بن أبي سليمان. هو طلقة بائنة.
وقال أبو حنيفة:(إن نوى الطلاق.. كان طلاقا، وإن نوى الظهار.. كان ظهارا، وإن نوى طلقة.. كانت طلقة بائنة، وإن نوى اثنتين.. لم تقع إلا واحدة، وإن نوى الثلاث.. وقع الثلاث، وإن لم ينو شيئا.. كان موليا؛ فإن فاء في المدة.. كفر، وإن لم يفئ حتى انقضت المدة.. بانت منه. وإن قال ذلك لأمته.. كان حالفا من إصابتها؛ فإن أصابها.. كفر، وإن لم يصبها.. فلا شيء عليه) .
دليلنا: ما روى ابن عباس: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى منزل حفصة فلم يجدها، وكانت عند أبيها، فاستدعى جاريته مارية القبطية، فأتت حفصة، فقالت: يا رسول الله! في بيتي، وفي يومي، وعلى فراشي؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أرضيك، وأسر إليك سرا فاكتميه، هي علي حرام» . فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التحريم: ١][التحريم: ١] ، فقال: لم تحرم، ولم يقل: لم تحلف، ولم تطلق، ولم تظاهر، ولم تولي.
وإذا ثبت هذا في الأمة: قسنا الزوجة؛ لأنها في معناها في تحليل البضع وتحريمه.
وروي عن ابن عباس: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حرم على نفسه جاريته مارية، فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التحريم: ١][التحريم: ١] ،