للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: " ينظر إليه " يعلم أنه منه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاف أن يبادر الناس إلى نفي الأنساب بالشك.. فغلظ الحال فيه.

وأما إذا طهرت امرأته من الحيض، ولم يطأها، ورأى رجلا يزني بها، وأتت بولد لستة أشهر فصاعدا من وقت الزنا.. لزمه قذفها بالزنا ونفي النسب عنه؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم.. فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته» . فإذا حرم على المرأة أن تدخل على قوم من ليس منهم.. حرم ذلك على الرجل أيضا. ولأنه لما حرم عليه نفي نسب يتيقنه منه.. حرم عليه استلحاق نسب يتيقن أنه ليس منه.

وإن لم يطأها ولم يعلم بزناها.. وجب عليه نفيه باللعان؛ لما ذكرناه. ولا يجوز له أن يقذفها؛ لجواز أن يكون من وطء شبهة، أو من زوج قبله.

وإن لم يرها زنت، ولا سمع بذلك، ولكنها أتت بولد أسود، وهما أبيضان، أو أتت بولد أبيض، وهما أسودان، أو أتت بولد يشبه رجلا ترمى به، ولم يعلم أن الرجل الذي ترمى به وطئها.. فهل يجوز له نفيه باللعان؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجوز له نفيه باللعان؛ لما روى ابن عباس: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاعن بين هلال بن أمية وبين امرأته، ثم قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن جاءت به أصيهب، أثيبج حمش الساقين.. فهو لزوجها، وإن جاءت به أورق، جعدا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين.. فهو للذي رميت به " فجاءت به أورق، جعدا جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لولا الأيمان.. لكان لي ولها شأن» . فدل على أن للشبه حكما.

<<  <  ج: ص:  >  >>