والثاني: لا يجوز له نفيه؛ لأن هذا الشبه يجوز أن يكون عرق نزعه في آبائه وأجداده؛ ولهذا روي «أن رجلا أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، إن امرأتي أتت بولد أسود؟! فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " ألك إبل؟ "، قال: نعم، قال:" ما ألوانها؟ "، قال: حمر، قال:" هل فيها من أورق؟ "، قال: إن فيها لورقا، فقال:" أنى ترى ذلك؟ "، قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال:" وهذا، عسى أن يكون نزعه عرق» .
ويخالف قصة هلال بن أمية؛ لأنه كان أخبره: أنه كان شاهده يزني بها. والوجهان إذا لم يشاهد ذلك.
إذا ثبت هذا: فمعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أصيهب " تصغير أصهب، وقوله: " أثيبج " تصغير أثبج، وهو الناتئ الثبج. والثبج: ما بين الكاهل ووسط الظهر، وقوله: " حمش الساقين " يعني دقيقهما، وقوله: " أورق " يعني: الأورق الذي لونه بين السواد والغبرة، ومنه قيل للرماد: أورق، وللحمامة: ورقاء؛ لأن لونهما كذلك، وقوله: " خدلج الساقين " يعني: عظيم الساقين. وقد روي: " جزل الساقين ". وأما قوله: " جماليا ": قال أبو عبيد: فإنهم يقولون جماليا - بفتح الجيم - يذهبون به إلى الجمال، وليس هو من الجمال في شيء؛ لأنه لو أراد ذلك.. لقال: جميلا، ولكنه جماليا - بضم الجيم - يعني: عظيم الخلق، شبه خلقه بخلق الجمل، فيقال للناقة العظيمة: جمالية؛ لأن خلقها يشبه خلق الجمل. قال الأعشى: