عليهم وسَلَّم، يورثون، وأن نبينا، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورثته ابنته فاطمة وحجبت العباس.
دليلنا: ما ذكرناه من حديث عمر، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ورُوِي: أن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يقسم ورثتي من بعدى دينارًا. ما تركته بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي.. فهو صدقة ألا إن الأنبياء لا يورثون» .
قال الشيخ أبُو حامد: ومعنى قوله هاهنا (عاملي) أي: مؤنة تجهيزي.
وفيما يفعل بأربعة أخماس الفيء بعد موت النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وموت زوجاته قولان:
أحدهما: أنه يصرف إلى المرتزقة، ويسمون أهل الديوان، وهم المرابطون للثغور، المقيمون فيها، دون الذين يغزون إذا نشطوا؛ لأن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان يستحق ذلك؛ لما ألقى الله به في قلوب الكفار من الرعب والهيبة، وهذا المعنى بعد موته لا يوجد إلا في المرتزقة، فوجب أن يكون لهم.
والثاني: أنه يصرف إلى جميع مصالح المسلمين؛ لأن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان يستحقه في حياته لفضيلته وشرفه، وهذا لا يوجد في غيره بعد موته، فوجب أن يصرف إلى المصالح، كما قلنا في سهمه من الخمس:
وحكى المسعوديُّ [في " الإبانة "] قولًا ثالثًا: أن جميع الفيء يصرف إلى من يصرف إليه خمس الغنيمة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ}[الحشر: ٧] الآية [الحشر: ٧] . وهذا ليس بشيء؛ لأن المراد بالآية في الفيء: الخمس منه؛ بدليل: ما ذكرناه من إجماع الصحابة فيه.
فإذا قلنا: إنها تكون للمرتزقة.. فإنه يصرف جميعه إليهم، ولا يصرف ما زاد على كفايتهم منه إلى غيرهم.