والأخرى مطلقة، فإن كانت الدار في يد أحد المدعيين.. قضي له بها؛ لأنه اجتمع له اليد والبينة. وحكى المسعودي [في " الإبانة "] وجها آخر: أنه لا يرجح باليد هاهنا؛ لأنهما تقارا على أن اليد كانت قبل ذلك لغيرهما، وكل واحد منهما يدعي أن اليد انتقلت إليه، فلم يقر الثاني أن هذه اليد يده. والأول هو المشهور.
وإن كانت الدار في يد البائع.. تعارضت البينتان:
فإن قلنا: يسقطان.. رجع إلى البائع، فإن كذبهما.. حلف لكل واحد منهما، وهل لهما استرداد الثمن منه؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي [في " الإبانة "] :
أحدهما: لهما ذلك؛ لأنا قد حكمنا بالبينة أن كل واحد منهما قد سلم الثمن ولم يحصل له المثمن.
والثاني: ليس لهما ذلك؛ لأنا قد حكمنا بسقوط البينتين.
فإن أقر بالبيع لأحدهما.. سلمت الدار إليه بالثمن الذي ادعى أنه ابتاعها به، وهل يحلف للآخر؟ فيه قولان. وإن أقر بالبيع لهما.. كان لكل واحد منهما نصف الدار بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاع به، وهل يحلف لكل واحد منهما على النصف الذي للآخر؟ فيه قولان. وإن قلنا إن البينتين لا تسقطان، وإنما تستعملان، فإن صدق البائع أحدهما.. فهل تقدم بينة من صدقه؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو العباس: تقدم بينته؛ لأن اليد للبائع، فإذا صدق أحدهما.. فكأنه نقل يده إليه، فاجتمعت له اليد والبينة فقدمت، كما لو كانت الدار في يد أحد المتداعيين.
والثاني: لا تقدم بينة المصدق، وهو قول أكثر أصحابنا، وهو الأصح؛ لأن البينتين قد اتفقتا على إزالة يد البائع.
فإذا قلنا بهذا: ولم يصدق البائع أحدهما.. ففي كيفية الاستعمال الأقوال الثلاثة:
أحدها: الوقف، ولا يتأتى الوقف هاهنا؛ لأنهما يتداعيان عقدا والعقد لا يمكن وقفه.