فعلى هذا: يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة.. حكم له بالدار بالثمن الذي اشتراه به، وهل يحلف مع خروج القرعة له؟ على القولين. ويرجع الآخر بالثمن الذي دفعه.
والثالث: القسمة. فعلى هذا: تقسم بينهما الدار، ويكون لكل واحد منهما نصف الدار بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاعه به، ولكل واحد منهما الخيار في فسخ البيع؛ لأن الصفقة تبعضت عليه.
فإن اختارا جميعا الفسخ وفسخا.. رجعت الدار إلى المدعى عليه، ورجع عليه كل واحد منهما بالثمن الذي دفع. وإن اختار جميعا الإمساك.. أمسك كل واحد منهما نصف الدار بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاع به، ورجع على البائع بنصفه. وإن اختار أحدهما الفسخ واختار الآخر الإمساك.. قال الشيخ أبو حامد: فينظر فيه:
فإن اختار أحدهما الفسخ أولا، ثم اختار الآخر الإمساك.. فإنه يمسك الدار بجميع الثمن الذي ادعى أنه ابتاع به؛ لأنه قد ادعى أنه ابتاع جميع الدار وشهدت له البينة بذلك، وإنما لم يحكم له بالجميع لمزاحمة غيره، فإذا سقط حق غيره.. كان له إمساك الجميع. وإن اختار أحدهما الإمساك أولا، ثم اختار الآخر الفسخ.. فإن الأول يستقر ملكه على نصف الدار بنصف الثمن الذي ادعى أنه ابتاع به، وليس له أن يأخذ النصف الذي فسخ الثاني البيع فيه؛ لأنه قد أمسك النصف وحكم الحاكم بإمضاء البيع فيه وفسخه في النصف الآخر، فلم ينتقض الحكم فيه، وقال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا فسخ أحدهما البيع في نصف الدار.. فهل على البائع تسليم ذلك النصف إلى المدعي الآخر؟ فيه وجهان من غير تفضيل:
أحدهما: عليه ذلك؛ لأنه قد أقام البينة على أنه يستحق جميع الدار، إلا أنه تعذر تسليم الكل إليه لأجل صاحبه، فإذا ارتفع ذلك.. سلم إليه.
والثاني: لا يسلم إليه؛ لأن بينة الذي فسخ شهدت له بالملك، فإذا فسخ البيع.. انتقل الملك فيه إلى المدعى عليه.