للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطنة بالميت إلا أنها لم تشهد بأنها لا تعلم له وارثا غيرهما، أو شهدت بأنه مات وخلف هذين الابنين ولم تقل وهما وارثان.. فإن الدار تثبت للميت ولكن لا يسلم شيء إلى الابن الحاضر من الدار بمجرد هذه الشهادة؛ لأنها لم تشهد بما يستحقه من الدار، ولكن يبعث الحاكم إلى البلاد التي كان يسافر إليها الميت ويقيم بها ويسأل فيها: هل له وارث فيها؟ فإن سأل عن ذلك وغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له وارث آخر.. لظهر، فإن لم يظهر له وارث.. فإنه يدفع إلى الحاضر نصيبه؛ لأن الظاهر أنه لو كان له وارث لظهر، فصار هذا الظاهر مع البينة بمنزلة ما لو شهدت البينة بأنها لا تعلم أن له وارثا غيرهما وهي من أهل الخبرة الباطنة بالميت.

قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ويؤخذ منه ضمين) ، وهذا يقتضي وجوب أخذ الضمين. وقال في " الأم ": (وأحب أن يؤخذ منه الضمين) . واختلف أصحابنا فيها على طريقين: فمنهم من قال: فيه قولان:

أحدهما: يجب أخذ الضمين منه؛ لأنه ربما ظهر له وارث آخر، وربما كان المدفوع إليه غائبا أو ميتا، فوجب أخذ الضمين منه للاستيثاق.

والثاني: يستحب ولا يجب؛ لأن الظاهر أنه لا وارث له غير هذا الحاضر والغائب؛ إذ لو كان له وارث غيرهما.. لظهر.

ومن أصحابنا من قال: إن كان الحاضر غير ثقة.. وجب أخذ الضمين منه؛ لأنه لا يؤمن أن يضيع حق من يظهر. وإن كان ثقة.. لم يجب أخذ الضمين منه وإنما يستحب؛ لأنه يؤمن أن يضيع حق من يظهر، وحمل القولين على هذين الحالين.

وإن كان المدعي ممن يحجب عن الميراث، كالأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وأقام بينة أن أخاه مات وخلفه وارثا، فإن شهد الشاهدان بأنهما لا يعلمان له وارثا غيره، وهما من أهل الخبرة الباطنة بالميت.. دفع الدار إلى الأخ، ولم يؤخذ منه ضمين، كالابن. وإن لم يشهد الشاهدان بأنهما لا يعلمان له وارثا سواه، أو شهدا بذلك ولكنهما ليسا من أهل الخبرة الباطنة بالميت.. فإن الدار تثبت للميت ولا تدفع

<<  <  ج: ص:  >  >>