الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح.. فاصنع ما شئت» . وإذا كان غير مستح في ذلك.. لم يؤمن أن يشهد بالزور.
وقال أصحابنا العراقيون: ترك المروءة هو: أن يأكل في السوق، أو يمد رجله بين الناس، أو يلبس الثياب المعصفرة، أو ثياب النساء. قال ابن الصباغ: أو يكشف من بدنه ما ليس بعورة منه بحضرة الناس، وما أشبهها.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : المروءة يرجع فيها إلى العرف والعادة، فقد يكون الشيء مروءة لقوم وتركه مروءة لقوم. بيانه: أن الكناس والشرطي لو تطيلسا.. كان ترك مروءة، والفقيه لو تطيلس.. لكان مروءة، ولو تقلنس الشرطي وتمنطق.. كان مروءة، ولو تقلنس الفقيه أو تمنطق.. لكان ترك مروءة.
ومن أكل من التجار الشيء اليسير من الطعام عند باب حانوته عند تفرق الزحمة عنه وخلوته بمن لا يحتشمه من أصحابه.. فلا يؤثر ذلك في عدالته.
ومن كان يهازل زوجته أو جاريته بحيث يسمع غيره.. فهو ترك مروءة. ومن كان رقاصا أو قوالا.. فقد ترك المروءة.
وأما أصحاب الحرف الدنيئة مثل: الحجام والكناس والدباغ والقيم بالحمام.. فهل تقبل شهادتهم؟ ينظر فيهم: فإن كانوا يتوانون في الصلاة والطهارة من الحدث أو النجس.. لم تقبل شهادتهم.
وإن حسنت طريقتهم في الدين.. فهل ترد شهادتهم لأجل حرفهم؟ فيه وجهان:
أحدهما: ترد شهادتهم؛ لأن من رضي لنفسه بمثل هذه الحرف الدنيئة.. سقطت مروءته، ومن لا مروءة له.. لا تقبل شهادته.