للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخبرنا أبو الفضل المخزومي الفقيه، بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن عَبَّاد، حدثنا محمد بن طَلْحَة، عن أبي سُهَيل بن مالك، عن ابن المُسَيَّب، عن سعد قال: كنا مع النبي ببقيع الخيل، فأقبل العباس فقال رسول اللَّه : «هذا العباس عَمُّ نبيكم، أجودُ قريش كفًّا وأوصلها» (١) واستسقى عُمَرَ بن الخطاب بالعباس عام الرَّمَادة لما اشتد القحط. فسقاهُمُ اللَّه تعالى به، وأخصبت الأرض. فقال عمر: هذا واللَّه الوسيلة إلى اللَّه، والمكان منه. وقال حسان بن ثابت: (٢).

سأل الإمامُ وَقَد تَتَابع جَدْبُنا … فَسَقى الغَمام بغُرَّة العباسِ

عمّ النبيّ وصِنوِ والده الذي … وَرِث النبيَّ بذاك دُون الناسِ

أحيا إلا له به البلادَ فأصبحت … مُخْضَرَّةَ الأجْنابِ بعد الياسِ

ولما سقى الناس طَفِقوا يتمسحون بالعباس، ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحَرَمينِ.

وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، وكفاه شرفاً وفضلاً أنه كان يُعَزَّى بالنبي لما مات، ولم يَخْلُفْ من عَصَبَاتِه أقربَ منه.

وكان له من الولد عشرةُ ذكور سوى الإناث، منهم: الفضل، وعبد اللَّه، وعبيد اللَّه، وقُثَم، وعبد الرحمن، ومَعْبَد، والحارث، وكَثِير، وعَوْن، وتَمَّام، وكان أصغر ولد أبيه.

وأضَرَّ العباسُ في آخر عمره، وتوفي بالمدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: بل من رمضان، سنة اثنتين وثلاثين، قبل قتل عثمان بسنتين. وَصَلّى عليه عثمان، ودفن بالبقيع، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وكان طويلاً جميلاً أبيض بَضّاً، ذا ضفيرتين (٣).

ولما أُسِر يوم بدر لم يجدوا قميصاً يصلح عليه إلا قميص عبد اللَّه بن أُبي بن سلول، فأَلبسوه إياه ولهذا لما مات عبد اللَّه بن أُبي كَفَّنه رسول اللَّه في قميصه. وأَعتق العباس سبعين عبداً.

أخرجه الثلاثة.


(١) رواه أحمد من طريق محمد بن طلحة: ١/ ١٨٥. وأبو سهيل هو نافع بن مالك، وابن المسيب هو سعيد، وسعد هو ابن أبي وقاص.
(٢) الأبيات في الاستيعاب: ٨١٥.
(٣) في المطبوعة: ظفيرتين. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>