للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر وفاة أمه وجده وكفالة عمه أبى طالب له

وبالإسناد عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر [بن محمد (١)] بن عمرو بن حزم، قال:

قدمت آمنة بنت وهب أم رسول اللَّه برسول اللَّه على أخواله بنى عدي بن النجار المدينة، ثم رجعت فماتت بالأبواء (٢) ورسول اللَّه ابن ست سنين، وقيل: ماتت بمكة ودفنت في شعب بي دب، والأول أصح.

قال ابن إسحاق: وكان رسول اللَّه مع جده عبد المطلب قال: فحدثني العباس بن عبد اللَّه بن معبد عن بعض أهله قال: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، وكان لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له، وكان رسول اللَّه يأتي حتى يجلس عليه، فيذهب أعمامه يؤخرونه، فيقول عبد المطلب:

دعوا ابني، ويمسح على ظهره، ويقول: إن لابني هذا لشأنا، فتوفى عبد المطلب، والنبي ابن ثمان سنين، وكان قد كفّ بصره قبل موته.

وكان عبد المطلب أول من خضب بالوسمة، ولما حضره الموت جمع بنيه وأوصاهم برسول اللَّه ، فاقترع الزبير وأبو طالب أيهما يكفل رسول اللَّه ، فأصابت القرعة أبا طالب فأخذه إليه، وقيل: بل اختاره رسول اللَّه على الزبير، وكان ألطف عميه به، وقيل: أوصى عبد المطلب أبا طالب به، وقيل: بل كفله الزبير حتى مات، ثم كفله أبو طالب بعده، وهذا غلط، لأن الزبير شهد حلف الفضول بعد موت عبد المطلب، ولرسول اللَّه يومئذ نيف وعشرون سنة.

وأجمع العلماء أن رسول اللَّه شخص مع عمه أبى طالب إلى الشام بعد موت عبد المطلب بأقل من خمس سنين؛ فهذا يدل على أن أبا طالب كفله، ثم إن أبا طالب سار إلى الشام وأخذ معه رسول اللَّه وكان عمره اثنتي عشرة سنة وقيل: تسع سنين والأول أكثر، فرآه بحيرا (٣) الراهب، ورأى علائم النبوة، وكانوا يتوقعون ظهور نبي من قريش، فقال لعمه: ما هذا منك؟ قال: ابني، قال: لا ينبغي أن يكون أبوه حيا، قال: هو ابن أخي. قال: إني لأحسبه الّذي بشر به عيسى؛ فان زمانه قد قرب فاحتفظ به، فرده إلى مكة.

ثم إن رسول اللَّه شهد مع عمومته حرب الفجار (٤)، يوم نخلة، وهو من أعظم أيام الفجار. والفجار حرب كانت بين قريش ومعها كنانة، وبين قيس وقد ذكرناه في الكامل، وهو من أعظم أيام العرب، وكان يناولهم النبل ويحفظ متاعهم، وكان عمره يومئذ نحو عشرين سنة أو ما يقاربها.


(١) عن سيرة ابن هشام: ١ - ١٦٨.
(٢) الأبواء: قرية، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا.
(٣) في الروض الأنف ١ - ١١٨: «وقع في سير الزهري أن بحيرا كان حبرا من يهود تيماء، وفي المسعودي أنه كان من عبد القيس، واسمه سرجس».
(٤) في الروض الأنف ١ - ١٢٠: «والفجار بالكسر بمعنى المفاجرة، كالقتال والمقاتلة، وذلك أنه كان قتالا في الشهر الحرام ففجروا فيه جميعا، فسمى الفجار وكانت العرب فجارات أربع، ذكرها المسعودي».

<<  <  ج: ص:  >  >>