قال ابن عائش: وحدثني أبي، عن زرارة، عن قيس بن كعب أنه وفد على رسول اللَّه ﷺ فأسلم، وكتب له كتابا ودعا له فيه. ذكره أبو موسى فيما فات ابن منده هكذا، وقد نسبه ابن حبيب عن ابن الكلبي، ولم يسم الأرقم أوسا، إنما قال: فولد بكر، يعنى بن عوف بن النخع، مالكا والشيطان ومرسوعا منهم الأرقم وهو جهيش بن يزيد بن مالك بن عبد اللَّه بن نسي بن ياسر بن جشم بن مالك بن بكر الوافد على رسول اللَّه ﷺ.
ويقوى هذا أن ابن منده قد ذكر جهيش بن أوس النخعي، وسيرد في بابه، إن شاء اللَّه تعالى، أخرجه أبو موسى.
[٧٣ - أرمى بن أصحمة]
(س) أرمى بن أصحمة النّجاشى بن بحر.
أخبرنا أبو موسى إجازة قال: قال محمد بن إسحاق بن يسار: النجاشي أصحمة وهو بالعربية:
عطية، وإنما النجاشي اسم الملك كقولك: كسرى قال: وذكر الإمام أبو القاسم إسماعيل: يعنى ابن محمد بن الفضل شيخه، رحمة اللَّه عليه، في المغازي عمن ذكر أن السنة السابعة كتب فيها النبي ﷺ الكتب إلى الملوك، وبعث إليهم الرسل، يدعوهم إلى اللَّه ﷿، فقيل: إنهم لا يقرءون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ خاتما من فضة نقش فيه:«محمد رسول اللَّه» يختم به الصحف، وبعث عمرو بن أمية الضمريّ إلى النجاشي أصحمة بن بحر،
كتب إليه النبي ﷺ:
«سلم أنت، فانى أحمد إليك اللَّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، وأشهد أن عيسى روح اللَّه، وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه، وخلقه كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى اللَّه تعالى، وقد بعثت إليك ابن عمى جعفرا ومن معه من المسلمين، فدع التجبر واقبل نصحى، والسلام على من اتبع الهدى».
فقرأ النجاشي الكتاب وكتب جوابه:
«بسم اللَّه الرحمن الرحيم. سلام عليك يا نبي اللَّه ورحمته وبركاته الّذي لا إله إلا هو، الّذي هداني إلى الإسلام. أما بعد، فقد أتاني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى، فو ربّ السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما قلت ثفروقا (١)، وإنه كما قلت، ولقد عرفنا ما بعثت به إلينا، ولقد قربنا ابن عمك وأصحابه، وأشهد أنك رسول اللَّه صادقا مصدوقا، وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه للَّه رب العالمين، وبعثت إليك بابني أرمى بن الأصحم، فانى لا أملك إلا نفسي، وإن شئت أن آتيك يا رسول اللَّه فعلت، فانى أشهد أن ما تقوله حق، والسلام عليك يا رسول اللَّه».
فخرج ابنه في ستين نفسا من الحبشة في سفينة في البحر، فلما توسطوا البحر غرقوا كلهم.