فأجاره فدخل المسجد معه، وكان رسول اللَّه ﷺ يشكرها له، وكان دخوله من الطائف لثلاث وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة.
[ذكر الإسراء]
أسرى برسول اللَّه ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وقد اختلفوا في المكان الّذي أسرى به منه فقيل: المسجد. وقيل: كان في بيته. وقيل: كان في بيت أم هانئ ومن قال هذين قال: المدينة كلها مسجد.
واختلفوا في الوقت الذي أسرى به فيه، فروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه أسرى به ليلة سبع من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، وقال ابن عباس وأنس: أسرى به قبل الهجرة بسنة. وقال السدي:
قبل الهجرة بستة أشهر. وقال الواقدي: أسرى به لسبع عشرة من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا، وقيل: أسرى به في رجب.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، والحسين بن صالح بن فنا خسرو التكريتي وغيرهما، قالوا باسنادهم عن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة أن نبي اللَّه ﷺ حدثهم عن ليلة أسرى به قال:«بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعا إذ أتاني آت فقدّ قال، وسمعته يقول: فشقّ ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود - وهو إلى جنبي - ما يعنى؟ قال من ثغرة نحره إلى شعرته فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبي، ثم حشى ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض، فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال: نعم، يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح قيل: من هذا؟ قال:
جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا، فنعم المجيء جاء».
وذكر الحديث في صعوده إلى السماء السابعة وإلى سدرة المنتهى قال:«فمررت على موسى فقال لي: بم أمرت؟ قلت أمرت بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك؛ قد جربت بني إسرائيل قبلك، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عنى عشرا، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك. فلم أزل بين ربى وموسى حتى جعلها خمسا، فقال موسى: إن أمتك لا تطيق ذلك فسله التخفيف، قال: قلت قد سألت ربى حتى استحييت، فلما جاوزت نادى مناد: قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي».
قال أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قالوا: قرض على رسول اللَّه ﷺ الصلاة ركعتين ركعتين ثم أتمت صلاة المقيم أربعا، وبقيت صلاة المسافر على حالها، وذلك قبل قدوم رسول اللَّه ﷺ إلى المدينة مهاجرا بشهر.