ولَعَمْرِي لم يزل المفسرون يذكر أحدهم أن زيداً سبب نزول آية كذا، ويذكر مفسّر آخر أن عمراً سبب نزولها، والذي يجمع أسماء الصحابة يجب عليه أن يذكر كل ما قاله العلماء، وإن اختلفوا، لئلا يظن ظان أنه أهمله، أو لم يقف عليه، وإنما الأحسن أن يذكر الجميع، ويبيّن الصواب فيه، فقد ذكر في هذه الحادثة أبو صالح، عن ابن عباس: أن الذي أسلم، ثم ارتد، ثم أسلم: الحارث بن سُوَيْد بن الصامت، وذكر مجاهد هذا، ومجاهد أعلم وأوثق، فلا ينبغي أن يترك قوله لقول غيره، واللَّه أعلم.
٨٩٩ - الحَارِثُ بن سُوَيْد بن الصَّامِت
(د ع) الحَارِثُ بن سُوَيْد بن الصَّامِت، أخو الجلاس، أحد بني عمرو بن عوف، وقد تقدّم نسبه.
قال ابن منده: الحارث بن سويد بن الصامت، وذكر أنه ارتدّ عن الإسلام، ثم ندم، وقال: أراه الأول، يعني التيمي الذي تقدّم ذكره، وذكر هو في التيمي أنه كوفي، ولا خلاف بين أهل الأثر أن هذا قتله النبي ﷺ بالمجذّر بن ذياد، لأنه قتل المجذر يوم أحد غَيْلَةً، وذكر ابن منده في المجذر أن الحارث ابن سويد بن الصامت قتله، ثم ارتد، ثم أسلم، فقتله رسول اللَّه ﷺ بالمجذر، وإنما قتل الحارث المجذر لأن المجذر قتل أباه سويد بن الصامت في الجاهلية، في حروب الأنصار، فهاج بسبب قتله وقعة بعاث، فلما رآه الحارث يوم أحد قتله بأبيه، واللَّه أعلم، وقد تقدّمت القصة في الجلاس، فلا نعيدها.
أخرجه ابن منده وأبو نُعَيم.
٩٠٠ - الحَارِثُ بنُ شُرَيح
(ب د ع) الحَارِثُ بن شُرَيح النُّمَيْرِي، وقيل: ابن ذؤَيب، قاله ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو عمر: الحارث بن شريح بن ذؤيب بن ربيعة بن عامر بن ربيعة (١) المنقري التَّمِيمي، قدم على النبي ﷺ في وفد بني مِنْقَر مع قيس بن عاصم، فأسلموا، حديثه عند دَلْهم بن دَهْثم العجلي، عن عائذ بن ربيعة، عنه، وقد قيل: إنه نميري، وقدم على النبي ﷺ في وفد بني نمير.
وروى ابن منده وأبو نعيم حديث دلهم عن عائذ بن ربيعة النميري، عن مالك، عن قرة بن دعموص أَنهم وفدوا على رسول اللَّه ﷺ: قرة، وقيس بن عاصم، وأبو مالك، والحارث بن شريح، وغيرهم.
أخرجه الثلاثة.
قلت: الذي أظنه أن الحق مع ابن منده وأبي نعيم في أن الحارث نميري، وليس بتميمي، وأن أبا عمر وهم فيه، لأنه قد جاء ذكر من وفد مع الحارث، ومنهم قيس بن عاصم، وليس في كتاب أبي عمر قيس بن عاصم إلاّ المنقري، فظن الحارث منقرياً، حيث رآه مع قيس في الوفادة، وهو لم يذكر قيساً النميري وليس كذلك، وإنما هذا قيس بن عاصم هو ابن أسيد بن جعونة النميري، وفد على النبي ﷺ فمسح رأسه، ذكره ابن الكلبي، وغيره فيمن وفد إلى النبي ﷺ فمسح رأسه، فبان بهذا أن الحارث أيضا