وقال أبو نعيم: ذكره بعض الواهمين، يعنى ابن منده، ونسب وهمه إلى محمد بن إسحاق، ووهم هو، وصوابه: حبيب بن عبد حارثة بن مالك، ففصل بين عبد وحارثة، فقدر أن حارثة، اسم الصحابي، والّذي قاله ابن إسحاق بخلاف ما حكاه عنه، وروى عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، في تسمية من قتل من المسلمين من بنى حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج: رافع ابن المعلى، فالمقتول رافع، وهو من بنى حبيب بن عبد حارثة، فقدر الواهم أن المقتول حارثة.
قال أبو نعيم: وسبقه إلى هذا الوهم ما رواه هو باسناده إلى ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، في تسمية أصحاب العقبة من الأنصار من بنى بياضة: حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج أخرجه الثلاثة.
قلت: الحق في هذا مع أبي نعيم، وإن كان لا يلزم ابن منده نقل أبى نعيم، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، فان الرواة عن ابن إسحاق يختلفون كثيرا، إنما يلزم ابن منده ما رواه يونس، عن ابن إسحاق، وقد روى يونس، عن ابن إسحاق ما أخبرنا أبو جعفر عبيد اللَّه بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدرا، قال: ومن بنى حبيب بن عبد: رافع بن المعلى بن لوذان، وقد نسبه الكلبي، فقال: رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عدي بن مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، وذكر أن رافعا شهد بدرا، وهذا يقوى قول أبى نعيم، واللَّه أعلم.
وقد رواه سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، فقال، في تسمية من شهد بدرا، فقال: ومن بنى حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج: رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن زيد بن عدي بن ثعلبة بن زيد مناة بن حبيب، وهذا أيضا يؤيد قول أبى نعيم في أن ابن منده وهم وظن حارثة بن مالك من بنى حبيب بن عبد صحابيا، وإنما هو جد صحابي، واللَّه أعلم.
[١٠٠١ - حارثة بن مالك بن غضب]
(ب د) حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج، ثم من بنى مخلد بن عامر ابن زريق، الأنصاري الزرقيّ، ذكره الواقدي فيمن شهد بدرا، قاله أبو عمر.
وقال ابن منده: حارثة بن مالك بن غضب بن جشم الأنصاري، من بنى بياضة، شهد العقبة، وروى ذلك عن أبي الأسود، عن عروة. أخرجه ابن منده وأبو عمر.
قلت: هذا غلط منهما، فإن قولهما حارثة بن مالك بن غضب، فهذا بعيد جدا، فإن من مع النبي ﷺ من بنى مالك بن غضب، بينهم وبينه نحو عشرة آباء، فيكون مقدار ثلاثمائة سنة على أقل التقدير، فكيف يكون مالك أبا حارثة! ثم إن أبا عمر يقول: حارثة بن مالك، وينسبه ثم يقول: من بنى مخلد بن رزيق، فان أراد بقوله: ثم من بنى مخلد الخزرج، لا يصح، لأن رزيقا من بنى الخزرج، وإن أراد حارثة