قال عبد اللَّه بن أبي بكر: ما قتلوه حتى أشرعوا إليه الرماح فنظموه بها، حتى مات، وأسر عمرو بن أمية، ثم أطلق، وفي الحارث يقول الشاعر يوم بدر:
يا ربّ إن الحارث بن الصمّه … أهل وفاء صادق وذمّه
أقبل في مهامه ملمّه … في ليلة ظلماء مدلهمّه
يسوق بالنّبي هادي الأمّه … يلتمس الجنة فيما ثمّه (١)
وقيل: إنما قال هذه الأبيات علي بن أبي طالب يوم أحد. ذكر الزهري وموسى بن عقبة وابن إسحاق أنه شهد بدرا، وكسر بالروحاء، وعاد وذكر عروة والزهري أنه قتل يوم بئر معونة،
وروى محمود بن لبيد، قال: قال الحارث بن الصمة: «سألني رسول اللَّه ﷺ يوم أحد، وهو في الشعب، فقال: هل رأيت عبد الرحمن بن عوف؟ فقلت: نعم، رأيته إلى جنب الجبيل، وعليه عسكر من المشركين، فهويت إليه لأمنعه، فرأيتك، فعدلت إليك، فقال رسول اللَّه ﷺ: إن الملائكة تمنعه، قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن فأجد بين يديه سبعة صرعى، فقلت: ظفرت يمينك، أكلّ هؤلاء قتلت؟ فقال: أما هذا، لأرطاة بن شرحبيل وهذان، فأنا قتلتهم، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره، قلت: صدق اللَّه ورسوله.
أخرجه الثلاثة.
[٩٠٤ - الحارث بن ضرار]
(ب د ع) الحارث بن ضرار. وقيل: ابن أبي ضرار الخزاعىّ المصطلقيّ، يكنى أبا مالك، يعد في أهل الحجاز.
أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة بإسناده، عن عبد اللَّه بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن سابق عن عيسى بن دينار، عن أبيه، أنه سمع الحارث بن أبي ضرار، يقول: قدمت على رسول اللَّه ﷺ فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة، فأقررت بها، فقلت: يا رسول اللَّه، أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي منهم جمعت من زكاته، فترسل إلى يا رسول اللَّه لإبّان كذا وكذا، ليأتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الّذي أراد رسول اللَّه ﷺ أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول، فلم يأته، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من اللَّه ومن رسوله، فدعا سروات قومه، فقال لهم: إن رسول اللَّه قد كان وقّت لي وقتا ليرسل إلى برسوله، ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول اللَّه ﷺ الخلف، ولا أرى رسوله احتبس إلا من سخطة كانت، فانطلقوا فنأتى رسول اللَّه ﷺ، وبعث رسول اللَّه الوليد ابن عقبة بن أبي معيط إلى الحارث، ليقبض ما كان عنده، مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق، فرجع، فأتى رسول اللَّه ﷺ، فقال: يا رسول اللَّه، إن الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلى، فضرب رسول اللَّه ﷺ البعث إلى الحارث، وأقبل الحارث بأصحابه إذ استقبل البعث قد فصل
(١) الأبيات بهذه الرواية في الاستيعاب: ٢٩٣، وينظر سيرة ابن هشام: ٢/ ١٦٦.