فكنا نتحفظ عليه في القتل فكان لا يمر به فارس ولا راجل إلا وثب عليه فكثر جراحة، فأتينا رسول اللَّه ﷺ فقلنا: يا رسول اللَّه، استشهد فلان، قال: هو في النار، فلما اشتد به ألم الجراح أخذ سيفه فوضعه بين ثدييه، ثم اتكأ عليه حتى خرج من ظهره، فأتيت النبي ﷺ فقلت: أشهد أنك رسول اللَّه، فقال «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، وإنه لمن أهل الجنة، تدركه الشقوة والسعادة عند خروج نفسه فيختم له بها».
أخرجه الثلاثة.
[٢١٨ - أكثم بن صيفي بن عبد العزى]
(د ع) أكثم بن صيفي وهو ابن عبد العزى بن سعد بن ربيعة بن أصرم، من ولد كعب ابن عمرو، عداده في أهل الحجاز.
ساق هذا النسب ابن منده وأبو نعيم.
ولما بلغ أكثم ظهور رسول اللَّه ﷺ أرسل إليه رجلين يسألانه عن نسبه، وما جاء به، فأخبرهما وقرأ عليهما ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (١) فعادا إلى أكثم فأخبراه، وقرءا عليه الآية، فلما سمع أكثم ذلك قال: يا قوم، أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها فكونوا في هذا الأمر رءوسا ولا تكونوا أذنابا، وكونوا فيه أولا ولا تكونوا فيه آخرا، فلم يلبث أن حضرته الوفاة، فأوصى أهله: أوصيكم بتقوى اللَّه وصلة الرحم، فإنه لا يبلى عليها أصل، ولا يهتصر عليها فرع.
[٢١٩ - أكثم بن صيفي]
(د) أكثم بن صيفي. قاله ابن منده، وقال: قد تقدم ذكره. روى عبد الملك بن عمير، عن أبيه، قال: بلغ أكثم بن أبي الجون مخرج رسول اللَّه ﷺ فأراد أن يأتيه، فأبى قومه أن يدعوه قال: فليأته من يبلغه عنى ويبلغني عنه، فأرسل رجلين فأتيا النبي ﷺ فقالا: نحن رسل أكثم، وذكر حديثا طويلا. أخرجه ابن منده وحده.
قلت: أخرج ابن منده هذه التراجم الثلاث، وأخرج أبو نعيم الترجمتين الأوليين، ولم يخرج الثالثة، وذكر النسب فيهما كما سقناه عنهما، وهو من عجيب القول، فإنهما ذكرا النسب في الأولى والثانية واحدا، ولا شك أنهما رأيا في الأول النسب متصلا إلى حارثة بن عمرو مزيقياء، ورأياه في الثاني لم يتصل، إنما هو ربيعة بن أصرم من ولد كعب بن ربيعة، فظناه غير الأول وهو هو، وزادا على ذلك بأن رويا عنه في الترجمة الأولى أن
رسول اللَّه ﷺ قال له:«يا أكثم، اغز مع غير أهلك يحسن خلقك» ثم إنهما ذكراه في اسم حنظلة بن الربيع الكاتب الأسيدي، وجعلاه من أسيد بن عمرو بن تميم، وقالا: ابن أخي أكثم بن صيفي، فكيف يكون أكثم بن صيفي في هذه الترجمة خزاعيا، ويكون في ترجمة حنظلة تميميا؟.