للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل له: «الصديق» أيضا، لما أخبرنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إذناً، أنبأنا أبي قال: أنبأنا أبو سعد المُطَرِّز وأبو علي الحَدَّاد قالا: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو محمد ابن حَيَّان، حدثنا محمد بن العَبَّاس، حدثنا المُفَضَّل بن غَسَّان، حدثنا محمد بن كَثِير، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: «لما أُسْرِي بالنبي إلى المسجد الأقصى، أصبح يُحَدِّث بذلك الناس، فارتدّ ناس مِمَّن كان آمن وصدق به وفُتنُوا، فقال أبو بكر:

إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدّقه بخبر السماء غَدْوَة أو رَوْحَة»، فلذلك سمى أبو بكر الصدِّيقَ.

وقال أبو مِحْجَن الثَّقَفي:

وَسُمِّيتَ صَديقاً وكلُّ مُهَاجرٍ … سِوَاكَ يُسَمَّى باسْمه غير مُنْكرِ

سَبَقْتَ إلى الإسلامِ واللَّه شَاهِدُ … وكنتَ جَلِيساً في العَرِيشِ المُشَهرِ

[إسلامه]

كان أبو بكر من رؤساءِ قريش في الجاهلية، مُحَبَّباً فيهم، مَأَلَفاً (١) لهم، وكان إليه الأشْنَاقُ في الجاهلية، والأشْنَاق: الدِّيَات. كان إذا حَمَل شيئاً صَدَّقته قريش وأمضوا حَمَالَتَه (٢) وحَمَالة من قام معه، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.

فلما جاءَ الإسلامُ سَبَقَ إليه، وأسلم على يده جماعة لمحبتهم (٣) له، وميلهم إليه، حتى إنه أسلم على يده خَمْسَةٌ من العشرة، وقد ذكرناه عند أسمائِهم. وقد ذهب جماعة من العلماءِ إلى أنه أول من أسلم، منهم ابن عباس، من رواية الشعبي، عنه. وقاله حسان بن ثابت في شعره (٤)، وعَمْرو بن عَبُسَة (٥)، وإبراهيم النَّخَعِي، وغيرهم.

أخبرنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الحُصَين التَّميمي أن رسول اللَّه قال: «ما دعوت أحدا


(١) في المطبوعة: مؤلفا. والمثبت عن الأصل وسيرة ابن هشام: ١/ ٢٥٠. والمألف: الّذي يألفه الإنسان.
(٢) الحمالة: الدية.
(٣) ينظر سيرة ابن هشام: ١/ ٢٥٠/ ٢٥٢.
(٤) ديوانه: ٢٤٠، وأول الأبيات:
إذا تَذَكَّرْت شَجْواً من أخي ثِقَة … فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
التالي الثاني المحمود شيعته … وأول الناس طرا صدق الرسلا
(٥) في المطبوعة: عنبسة. وهو خطأ، وهو صحابي تأتى ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>