للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّره رسول اللَّه على سَرِيَّة، وهو أول أمير أَمَّره - في قول - وغَنِيمَتُه أول غنيمة غنمها المسلمون، وخَمَّس الغنيمة وقسم الباقي، فكان أول خُمْسٍ في الإسلام.

ثم شهد بدراً، وقتل يوم أُحد:

روى إسحاق بن سَعْد بن أبي وَقَّاص، عن أبيه: أن عبد اللَّه بن جَحْش قال له يوم أحد:

ألا تأتي ندعو اللَّه؟ فخليا في ناحية فدعا سعد فقال: اللَّهمّ إذا لقيت العدو غداً فَلَقِّني رجلاً شديداً بأسُه، شديداً حَرَدُه (١) فأقتلَه فيك وآخذَ سَلَبَهُ. فأمَّن عبدُ اللَّه بن جَحْش، ثم قال عبد اللَّه: اللَّهمّ ارزُقْني غداً رجلاً شديداً بأسُه، شديداً حَرَدُه، أَقاتله فيك ويقاتلني، ثم يقتلني ويأخذني فيَجْدَعُ أنْفِي وأُذُنَيّ، فإذا لقيتك قلت: يا عبد اللَّه، فيم جُدِعَ أنفك وأُذُنَاكَ؟ فأقول:

فيك وفي رسولك. فيقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوة عبد اللَّه خيراً من دعوتي، فلقد رأيته آخرَ النهار وإن أنفه وأُذنيه معلقان في خَيْطِ.

أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن يونس الأزَجِي، أخبرنا أبو غَالِب بن البناءِ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن علي الأبنوسي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلِّيّ المِصيصي، أخبرنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار المصيصي، حدثنا أبو عثمان سعيد بن رحمة (٢) بن نُعَيْم الأصْبَحي قال: سمعت ابن المُبَارك، حدثنا سُفيان ابن عُيَيْنَة، عن علي بن زيد بن جُدْعان، عن سعيد بن المسيَّب قال: قال عبد اللَّه بن جحش يوم أُحد: اللَّهمّ أقسم عليك أن نلقى العدو، وإذا لقينا العَدُوّ أن يقتلوني، ثم يَبْقُرُوا بطني، ثم يُمَثِّلوا بي، فإذا لقيتك سألتني: فيم هذا؟ فأقول: فيك. فَلَقِيَ العدوَّ ففَعَل وفُعِل به ذلك.

قال ابن المسيب: فإني أرجو أن يَبَرَّ اللَّه آخر قَسَمِه كما بَرَّ أوَّلَهُ.

وروى الزبير بن بكار في «الموفقيات» أنَّ عبد اللَّه بن جَحْش انقطع سيفُه يوم أُحد، فأعطاه رسولُ اللَّه عُرْجون نَخْلة، فصار في يده سيفاً، فكان يُسَمَّى العرجون، ولم يزل يُتَنَاول حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، وكان الذي قتله يوم أُحد أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، وكان عمره حين قتل نَيَّفاً وأربعين سنة ودفن هو وخاله حمزةُ بن عبد المطلب في قبر واحد، صلى [رسول] اللَّه عليهما.

ووليَ رسول اللَّه تركته، فاشترى لابنه مالا بخيبر.


(١) الحرد- بفتحتين- الغضب.
(٢) في المطبوعة: أحمد. والمثبت عن الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>