للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم من بني الحارث، يكنى أبا محمد، وقيل: أبو رَوَاحة. وقيل: أبو عمرو وأُمه كَبْشة بِنْتُ وَاقد بن عَمْرو بن الإطْنَابَةِ، من بنى الحارث بن الخزرج أيضاً.

وكان ممن شهد العقبة (١)، وكان نقيب بن الحارث بن الخزرج. وشهد بدراً، وأُحداً، والخندق، والحُدَيْبية، وخَيْبر، وعُمْرة القضاء، والمشاهد كلها مع رسول اللَّه إلا الفتح وما بعده، فإنه كان قد قتل قبله. وهو أحد الأُمراءِ في غزوة مُؤَتَة، وهو خال النُّعْمَان بن بَشِير.

روى حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عبد اللَّه بن رَواحة أتى النبي وهو يخطب، فسمعه يقول: اجلسوا. فجلس مكانه خارجاً من المسجد حتى فرغ النبي من خطبته، فبلغ ذلك النبي فقال له: «زادك اللَّه حِرْصاً على طواعية اللَّه وطواعية رسوله».

وكان عبدُ اللَّه أول خارج إلى الغزو وآخر قافل. وكان من الشعراء الذين يناضلون عن رسول اللَّه ، ومن شعره في النبي :

إني تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخيرَ أعرفُه … واللَّه يَعْلَمُ أَنْ ما خانني البَصَرُ (٢)

أَنْتَ النبيُّ ومن يُحْرَم شَفاعَتَه … يوم الحِسَابِ فقد أَزْرَى به القَدَرُ

فثبَّتَ اللَّه ما آتاكَ مِنْ حَسَنٍ … تثبيت موسى ونَصْراً كالذي نُصِروا

فقال النبي : وأنت، فثبتك اللَّه يا ابن رَوَاحة. قال هشام بن عروة: فثبته اللَّه أحسن الثَّبَات، فقتل شهيداً، وفتحت له أبواب الجنة، فدخلها شهيدا.

قال أبو الدَّرْداءِ: أعوذ باللَّه أن يأتي عليَّ يوم، لا أذكر فيه عبد اللَّه بن رواحة، كان إذا لقيني مُقْبلاً ضرب بين ثَدْيَيَّ، وإذا لقيني مدبراً ضرب بين كَتِفَيَّ. ثم يقول: يا عُوَيْمِر، اجلس فلنؤمن ساعة. فنجلس، فنذكر اللَّه ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان.

أخبرنا عبيد اللَّه بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بُكَير، عن ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر بن حزم قال: سار عبد اللَّه بن رَوَاحَة - يعني إلى مؤتة - وكان زيد بن أرْقَم يتيماً في حجره، فحمله في حقيبة رحله، وحرج به غازيا إلى مؤتة، فسمعه زيدٌ من الليل وهو يتمثل أبياته التي قال (٣):


(١) سيرة ابن هشام: ١/ ٤٤٣.
(٢) ذكر البيتان الأول والثالث في طبقات ابن مسعد: ٣/ ٢/ ٨١، وفيه يروى عجز الأول:
فراسة خالفتهم … في الّذي نظروا
(٣) الأبيات في سيرة ابن هشام: ٢/ ٣٧٦، ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>