للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكِنَّنِي أَسأَلُ الرحمنَ مَغْفِرَةً … وضربةً ذات (١) فَرْغ يقذف الزّبد

أو طعْنَةً بيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزةً … بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الأحْشَاءَ والكَبِدَا (٢)

حتى يقولوا إذا مروا على جَدَثي … يا أرشد اللَّه من غَازٍ وقد رَشدا (٣)

ثم أتى عبدُ اللَّه رسول اللَّه فودَّعه، ثم خرج القوم حتى نزلوا «مَعَان (٤)» فبلغهم أنَّ هرقل نزل بمَآبٍ في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة … فأقاموا بمَعَان يومين، وقالوا:

نبعثُ إلى رسول اللَّه فنخبره بكثرةِ عَدُوِّنا، فإما أن يَمُدَّنا، وإما أنْ يأْمرنا أمراً. فشجَّعَهم عبدُ اللَّه بن رواحة، فساروا وهم ثلاثة آلاف حتى لحقوا جموع الروم بقرية من قُرَى البلقاءِ، يقال لها: مشارف (٥). ثم انحاز المسلمون إلى مؤتة.

وروى عبد السلام بن النعمان بن بَشِير: أن جعفر بن أبي طالب حين قُتِل دعا الناس عبد اللَّه ابن رواحة، وهو في جانب العسكر، فتقدم فقاتل، وقال يخاطب نفسه:

يا نفسُ إلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي … هذا حِياضُ (٦) المَوْت قد صَلِيتِ

وما تمنَّيْتِ فقد لَقِيتِ (٧) … إن تفعلي فِعْلَهما هُدِيتِ

وإن تأخّرت فقد شقيت

يعني زيداً وجعفراً. ثم قال: يا نفس إلى أي شيء تتوقين؟ إلى فلانة - امرأته - فهي طالق.

وإلى فلان وفلان - علمان له - فهم أحرار، وإلى معجف - حائط له - فهو للَّه ولرسوله.

ثم قال:

يا نفسُ مَالَكِ تَكرَهِينَ الجَنَّهْ … أُقْسِم باللَّه لِتَنْزِلِنَّهْ

طائعة أو لتكرهنه … فطالما قد كنت مطمئنة.


(١) في الأصل والمطبوعة: ذات فرع. بالعين. وفي شرح السيرة للخشى ٣٥٣: ذات فرغ: يعنى ذات سعة. والزيد هنا رغوة الدم.
(٢) مجهزة: سريعة القتل. وتنفذ الأحشاء: تخترقها.
(٣) الجدث: القبر. وفي السيرة: أرشده اللَّه …
(٤) معان: مدينة في طرف بادية الشام، تلقاء الحجاز، من نواحي البلقاء. وكذلك مآب.
(٥) في الأصل والمطبوعة: شراف. وهو خطأ، ينظر سيرة ابن هشام: ٢/ ٣٧٧، ومعجم ما استعجم: ٤/ ١١٧٢، ومراصد الاطلاع: ١٢٧٣.
(٦) في السيرة ٢/ ٣٧٩: هذا حمام الموت.
(٧) في السيرة: فقد أعطيت ..

<<  <  ج: ص:  >  >>