للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأسلم ذلك اليومَ فحسُن إسلامه، ولم يظهر منه بعد ذلك ما يُنكَر عليه. وهو أحد العقلاء الكرماءِ من قريش، ثم ولاه عثمان بعد ذلك مصر سنة خمس وعشرين، ففتح اللَّه على يديه إفريقية (١)، وكان فتحاً عظيماً بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال، وسهم الراجل ألف مثقال. وشهد معه هذا الفتح عبد اللَّه بن عُمَر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عَمْرو بن العاص. وكان فارس بني عامر بن لُؤَيّ، وكان علي ميمنة عمرو بن العاص لما افتتح مصر، وفي حروبه هناك كلها، فلما استعمله عثمان على مصر وعزل عنها عَمْراً، جعل عَمْروٌ يَطْعُن على عثمان ويُؤَلِّب عليه، ويسعى في إفساد أمره.

وغزا عبد اللَّه بن سعد بعد إفريقية الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين. وهو [الذي] هادنهم الهدنة الباقية إلى اليوم، وغزا غزوة الصَّوَارِي في البحر إلى الروم (٢).

ولما اختلف الناسُ على عثمان ، سار عبد اللَّه من مِصْر يريد عثمان، واستخلف على مصر السائب بن هشام بن عَمْرو العامري، فظهر عليه محمد بن أبي حُذَيفة بن عتبة بن ربيعة ابن أُمَية الأموي، فأزال عنها السائب، وتَأَمَّر على مصر، فرجع عبد اللَّه بن سعد فمنعه محمد بن أبي حذيفة من دخول الفسطاط، فمضى إلى عسقلان فأقام حتى قتل عثمان، وقيل: بل أقام بالرَّمْلة حتى مات، فارًّا من الفتنة. وقد ذكرنا هذه الحروب والحوادث مستقصاة في «الكامل» في التاريخ.

ودعا عبد اللَّه بن سعد فقال: «اللَّهمّ اجعلْ خاتمة عملي الصلاة». فصلى الصبح فقرأ في الركعة الأُولى بأُم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأُم القرآن وسورة، وسلم عن يمينه، ثمَّ ذهب يسلم عن يساره فتُوفِّي، ولم يبايع لعلي ولا لمعاوية. وقيل: بل شهد صِفِّين مع معاوية.

وقيل: لم يشهدها. وهو الصحيح.

وتوفي بعسقلان (٣): سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين. وقيل: بقي إلى آخر أيام معاوية، فتوفي سنة تسع وخمسين. والأول أصح.

أخرجه الثلاثة.

قلت: قد وَهِم ابن منده وأبو نعيم في نسبه، فإنهما قَدَّما «حُبَيْباً» على «الحارث»، وليس بشيءٍ، ثم قالا: «جذيمة بن نصر بن مالك». وإنما جَذِيمة هو ابن مالك. ثم قالا:


(١) ينظر الكامل لابن الأثير: ٣/ ٤٥، ٤٦.
(٢) الكامل لابن الأثير: ٣/ ٥٨، ٥٩.
(٣) في المطبوعة: «وتوفى بعسقلان، وقيل: بإفريقية … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>