للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعود: الجمل المسن. فقال له رسول اللَّه : قم فأجبه فقال: أسمعنى ما قلت، فأسمعه، فقال حسان:

نصرنا رسول اللَّه والدين عنوة (١) … على رغم عات من معد وحاضر

بضرب كإيزاغ (٢) المخاض مشاشه … وعلى كأفواه اللقاح الصوادر

وسل أحدا يوم استقلت شعابه … بضرب لنا مثل الليوث الخوادر

ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى … إذا طاب ورد الموت بين العساكر

ونضرب هام الدّارعين وننتمي … إلى حسب من جذم غسّان قاهر

فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى … وأمواتنا من خير أهل المقابر

فلولا حياء اللَّه قلنا تكرّما … على الناس بالخيفين (٣): هل من منافر

فقام الأقرع بن حابس فقال: إني، واللَّه يا محمد، لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، قد قلت شعرا فاسمعه، قال: هات، فقال:

أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا … إذا خالفونا عند ذكر المكارم

وأنا رءوس الناس من كل معشر … وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

فقال رسول اللَّه : قم يا حسان فأجبه، فقال:

بنى دارم لا تفخروا إن فخركم … يعود وبالا عند ذكر المكارم

هبلتم علينا؟ تفخرون وأنتم … لنا خول من بين ظئر وخادم (٤)

فقال رسول اللَّه : «لقد كنت غنيا يا أخا بنى دارم أن يذكر منك ما كنت ترى أن الناس قد نسوة»، فكان قول رسول اللَّه أشد عليهم من قول حسان.

ثم رجع حسان إلى قوله:

وأفضل ما نلتم من المجد والعلى … ردافتنا من بعد ذكر المكارم (٥)

فان كنتم جئتم لحقن دمائكم … وأموالكم أن تقسموا في المقاسم

فلا تجعلوا للَّه ندّا وأسلموا … ولا تفخروا عند النبي بدارم

وإلا وربّ البيت مالت أكفّنا … على رءوسكم بالمرهفات الصّورم


(١) عنوة: قهرا.
(٢) في اللسان مشش: «وقول حسان: بضرب كإيزاغ المخاض مشاشه، أراد بالمشاش هاهنا بول النوق الحوامل وفي وزغ: والإيزاغ إخراج البول دفعة دفعة.
(٣) الخيف: الوادي، ويطلق على عدة أماكن في الحجاز، ويثنى في الشعر.
(٤) هبلتم: فقدتم وثكلتم، والخول: حشم الرجل وأتباعه، والظئر: المرضع.
(٥) الردافة كالوزارة بمعنى، وأرداف الملوك هم الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة، بمنزلة الوزراء في الإسلام، واحدهم ردف.

<<  <  ج: ص:  >  >>