للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد اللَّه بن عبد الرحمن، حدثنا أبو الوليد، حدثنا الليث، حدثني قيس بن الحجاج، المعنى واحد - عن حنش (١) الصّنعانى، عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول اللَّه فقال (٢):

«يا غلام، إني أعلمك كلامات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، إذا سألت فأسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك، لم يضروك بشيء إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف (٣)».

قال محمّد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني الحسين بن الحسن بن عطية ابن سعد بن جنادة العوفيّ القاضي، عن أبيه، عن جده قال: لما وقعت الفتنة بين عبد اللَّه بن الزبير وعبد الملك بن مروان، ارتحل عبد اللَّه بن عباس ومحمد بن الحنفيّة بأولادهما ونسائهما، حتى نزلوا مكة، فبعث عبد اللَّه بن الزبير إليهما، تبايعان؟ فأبيا وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك. فأبى وألحّ عليهما إلحاحا شديدا، فقال لهما فيما يقول: لتبايعن أو لأحرقنّكم بالنار. فبعثا أبا الطّفيل إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل.

فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة وابن الزبير، فانطلق هاربا حتى دخل دار النّدوة - ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ بالبيت - قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما، وهم في دور قريب من المسجد، قد جمع الحطب فأحاط، بهم حتى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نريح الناس منه. فقال: لا، هذا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحلّه ﷿ لأحد إلا للنّبيّ ساعة، فامنعونا وأجيزونا قال: فتحملوا وإن مناديا ينادى في الخيل:

ما غنمت سريّة بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد اللَّه بن عباس، فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هم


(١) في الأصل والمطبوعة: «عن قيس الصنعاني». وهو خطأ، والمثبت عن تحفة الأحوذي، وهو حنش بن عبد اللَّه، ويقال: ابن علي بن عمرو بن حنظلة السبائى أبو رشدين الصنعاني. ينظر التهذيب: ٣/ ٥٧.
(٢) في تحفة الأحوذي: يوما فقال.
(٣) تحفة الأحوذي، كتاب صفة القيامة: ٧/ ٢١٩، ٢٢٠، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>