والصحيح أن أول مشاهده الخندق، وشهد غزوة مؤتة مع جعفر بن أبي طالب ﵃ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وإفريقية.
وكان كثير الاتّباع لآثار رسول اللَّه ﷺ، حتى إنه ينزل منازله، ويصلى في كل مكان صلى فيه، وحتى إن النبي ﷺ نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
أخبرنا إسماعيل بن علي، وغيره بإسنادهم إلى أبى عيسى محمد بن عيسى قال: حدثنا أحمد ابن منيع، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: رأيت في المنام كأنما بيدي قطعة إستبرق، ولا أشير بها إلى موضع من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة،
فقصتها حفصة على النبي ﷺ، فقال:«إن أخاك رجل صالح - أو: إن عبد اللَّه رجل صالح»(١) أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن أبي القاسم عليّ. إجازة قال: أخبرنا أبى، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو بكر البيهقي، حدثنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو أحمد الحافظ، أخبرنا أبو العباس الثقفي، حدثنا قتيبة، حدثنا الخنيسي - يعنى محمد بن يزيد بن خنيس، عن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن نافع قال: خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له، ووضعوا السّفرة له، فمر بهم راعى غنم، فسلم، فقال ابن عمر: هلم يا راعى فأصب من هذه السّفرة. فقال له: إني صائم. فقال ابن عمر: أتصوم في مثل هذا اليوم الحارّ الشديد سمومه، وأنت في هذه الحال ترعى هذه الغنم؟ فقال: واللَّه إني أبادر أيامى هذه الخالية.
فقال له ابن عمر - وهو يريد أن يختبر ورعه-: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها ما تفطر عليه؟ قال: إنها ليست لي بغنم، إنها غنم سيدي. فقال له ابن عمر: فما يفعل سيدك إذا فقدها؟ فولّى الراعي عنه، وهو رافع إصبعه إلى السماء، وهو يقول: فأين اللَّه؟ قال: فجعل ابن عمر يردّد قول الراعي، يقول:«قال الراعي فأين اللَّه»؟ قال: فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتق الراعي ووهب منه الغنم.
قال: وأخبرنا أبى، أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، حدثنا أحمد بن سهل الفقيه، حدثنا إبراهيم بن معقل، حدثنا
(١) تحفة الأحوذي، كتاب المناقب: ١٠/ ٣٢٨، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».