للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوَجْه، فجعلت أبكي، وجعل القوم يَنْهَوَنني، ورسول اللَّه لا ينهاني، قال: فجعلت فاطمة بنت عَمْرو - يعني عمته - تبكي

، فقال رسول اللَّه : «تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رَفَعْتُموه» (١).

أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن علي بن سويدة التكريتي، أخبرنا أبو عبد اللَّه بن الحسين ابن الفرحان إجازة، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، أخبرنا [أبو بكر أحمد الواحدي أخبرنا] أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا أحمد بن الحسين الحَذَّاء، أخبرنا علي بن المَدِيني، حدثنا موسى بن إبراهيم بن بَشِير بن الفاكِه الأنصاري، أنه سمع طَلْحَة بن خِرَاش الأنصاري قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه قال: نظر إلى رسول اللَّه فقال: ما لي أراك [منكسراً] مُهْتَمًّا؟ قلت: يا رسول اللَّه، قتل أبي وترك ديناً وعيالاً. فقال: ألا أخبرك؟ ما كلم اللَّه أحداً قَطّ إلا من وراءِ حجاب، وإنه كلم أباك كفَاحاً (٢)، فقال: يا عبدي، سلني أُعطك. قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية! قال: إنه قد سبق مني أنهم لا يردون إليها ولا يرجعون. قال: يا رب، أبلغ مَنْ ورائي، فأنزل اللَّه تعالى:

﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ﴾ (٣) … الآية (٤).

ولما أراد أن يخرج إلى أُحد دعا ابنه جابراً فقال: يا بني، إني لا أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل، وإني واللَّه لا أدع بعدي أحداً أعز عَلَيّ منك، غير نفس رسول اللَّه ، وإنْ علي ديناً فاقض عني ديني، واستوص بأخواتك خيراً. قال: فأصبحنا فكان أول قتيل جدَعُوا أنْفَه وأُذنيه.

ودفن هو وعمرو بن الجَمُوح في قبر واحد

، قال النبي : «ادفنوهما في قبر واحد، فإنهما كان متصافَييْن متصادقين في الدنيا» (٥).

وكان عَمْرُو أيضاً زوج أُخت عبد اللَّه، واسمها هند بنت عمرو بن حرام.


(١) رواه أحمد بإسناده إلى شعبه نحوه. ينظر المسند: ٣/ ٣٩٨.
(٢) كفاحا: مواجهة.
(٣) سورة آل عمران، الآية ١٦٩.
(٤) الحديث رواه أبو بكر بن مردويه بإسناده إلى علي بن المديني مثله، ينظر تفسير ابن كثير ٢/ ١٤١ بتحقيقنا. وقد خرجنا عند هذه الآية الأحاديث التي وردت في شأن عبد اللَّه بن عمرو بن حرام هذا.
(٥) سيرة ابن هشام: ٢/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>