وقالت طائفة من العلماء بالنسب والسير: إن أبا موسى لما قدم مكة، وحالف سعيد بن العاص، انصرف إلى بلاد قومه ولم يهاجر إلى أرض الحبشة، ثمّ قدم مع إخوته فصادف قدومه قدوم السفينتين من أرض الحبشة.
قال أبا عمر: الصحيح أن أبا موسى رجع بعد قدومه مكّة ومحالفته من حالف من بنى عبد شمس إلى بلاد قومه، وأقام بها حتى قدم مع الأشعريين نحو خمسين رجلا في سفينة، فألقتهم الرّيح إلى النجاشي، فوافقوا خروج جعفر وأصحابه منها، فأتوا معهم وقدم السفينتان معا: سفينة جعفر، وسفينة الأشعريين، على النبيّ ﷺ حين فتح خيبر. وقد قيل: إن الأشعريين إذ رمتهم الريح إلى الحبشة أقاموا بالحبشة مدة، ثمّ خرجوا عند خروج جعفر، ﵁، فلهذا ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة، واللَّه أعلم (١) وكان عامل رسول اللَّه ﷺ على زبيد وعدن، واستعمله عمر ﵁ على البصرة، وشهد وفاة أبى عبيدة بن الجرّاح بالشام.
قال لمازة بن زبّار: ما كان يشبّه كلام أبى موسى إلا بالجزّار الّذي لا يخطئ المفصل.
وقال قتادة: بلغ أبا موسى أن قوما يمنعهم من الجمعة أن ليس لهم ثياب، فخرج على الناس في عباءة.
وقال ابن إسحاق: في سنة تسع عشرة بعث سعد بن أبي وقّاص عياض بن غنم إلى الجزيرة، وبعث معه أبا موسى وابنه عمر بن سعد، وبعث عياض أبا موسى إلى نصيبين فافتتحها في سنة تسع عشرة. وقيل: إن الّذي أرسل عياضا أبو عبيدة بن الجرّاح، فوافق أبا موسى، فافتتحا حرّان ونصيبين.
وقال خليفة: قال عاصم بن حفص: قدم أبو موسى إلى البصرة سنة سبع عشرة واليا، بعد عزل المغيرة، وكتب إليه عمر ﵁: أن سرّ إلى الأهواز فأتى الأهواز فافتتحها عنوة - وقيل: صلحا - وافتتح أبو موسى أصبهان سنة ثلاث وعشرين، قاله ابن إسحاق.
وكان أبو موسى على البصرة لمّا قتل عمر، ﵁، فأقرّه عثمان عليها، ثمّ عزله واستعمل بعده ابن عامر، فعمار من البصرة إلى الكوفة، فلم يزل بها حتى أخرج أهل الكوفة سعيد بن العاص، وطلبوا من عثمان أن يستعمله عليهم، فاستعمله، فلم يزل على الكوفة حتى قتل عثمان، ﵁. فعزله عليّ عنها.